الأخبار العالمية

الجرائم في السودان .. شهادات حية تكشف واقع العنف والإنفلات الأمني

تشهد بعض المناطق في السودان، خاصةً في العاصمة الخرطوم ومناطق دارفور والنيل الأزرق، تصاعدًا كبيرًا في الجرائم المنظمة والقتل والعنف المجتمعي، ما يثير القلق المحلي والدولي. في ظل تدهور الوضع الأمني والاقتصادي، يجد المواطنون أنفسهم ضحايا لعدد من الممارسات الإجرامية التي تشمل السرقات المسلحة، الاعتداءات، والاغتصاب. هذا الموضوع يستعرض الوضع الراهن من خلال شهادات حية لشهود عيان، حيث نسمع قصصًا من الأرض تكشف حقيقة ما يحدث في شوارع السودان.

تزايد الجرائم في الخرطوم:

في العاصمة السودانية الخرطوم، شهدت الأشهر الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات السرقات والجرائم العنيفة، خاصةً في الأحياء الشعبية. فالأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعاني منها المواطن السوداني انعكست بشكل مباشر على تزايد معدلات الجريمة. محمد (اسم مستعار)، أحد سكان حي “الصحافة”، يروي لنا تجربته قائلاً:

“في الأسبوع الماضي فقط، تعرضت للسرقة في وضح النهار. كنت أتمشى في السوق مع أطفالي، وفجأة اقترب مني رجل مسلح بسكين وطلب مني أن أسلمه ما في جيبي. حاولت مقاومته، لكنه هددني بالقتل، وللأسف سلمته كل ما في جيبي. هذه الحوادث أصبحت شائعة في حيّنا، وأصبحنا نخاف حتى من السير في الشوارع.”

محمد ليس الوحيد الذي يشعر بالقلق من انتشار الجرائم في الخرطوم. فوفقًا لعديد من الشهادات، أصبحت السرقات اليومية أمرًا عاديًا في العديد من الأحياء الفقيرة، حيث يواجه السكان صعوبة في الحصول على الأمن.

 

جرائم العنف في دارفور:

في دارفور، تتفاقم جرائم العنف في ظل الصراعات العرقية والسياسية المستمرة. ومن أبرز المظاهر الإجرامية التي أصبحت سائدة في المنطقة، القتل العشوائي، والاختطاف، بالإضافة إلى هجمات مسلحة على القرى. زينب، امرأة من دارفور، تروي ما عاشته:

“في بداية هذا العام، قُتل زوجي أمام عينيّ خلال هجوم مسلح على قريتنا. لم نكن نتوقع هذا العنف، ولكن المهاجمين اقتحموا قريتنا وأطلقوا النار على أي شخص يرونه. لا أعلم ما السبب، لكن الوضع هنا أصبح أكثر خطورة يومًا بعد يوم. أنا وأطفالي الآن نعيش في مخيمات النزوح بعد أن دمروا منازلنا.”

التهجير القسري والانتهاكات المستمرة في دارفور جعلت العديد من العائلات في المنطقة يواجهون أوضاعًا مأساوية.

الجرائم المتزايدة في النيل الأزرق:

في النيل الأزرق، والتي تعد واحدة من أكثر المناطق تضررًا من النزاعات الداخلية، زادت حوادث القتل والتعذيب في ظل غياب سيطرة الدولة على بعض المناطق. علي، أحد السكان المحليين، يصف لنا حادثة كانت شاهدة عليها:

“قبل أسبوعين، وقع هجوم مسلح على قريتنا. العنف كان مروعًا. اقتحم المهاجمون المنازل، وأطلقوا النار على أي شخص يقاوم. لم أستطع الهروب مع أسرتي، فقد كان الجميع في حالة من الفزع. منازلنا تم نهبها، وأصبحنا لا نعرف إلى أين نذهب. الشرطة لم تصل إلا بعد ساعات، ولكن حينها كان الأوان قد فات.”

يشير علي إلى غياب سلطة القانون في المناطق الريفية، وهو ما يؤدي إلى تفشي جرائم مثل القتل والسرقة في ظل الظروف المتدهورة.

ما يحدث في السودان اليوم من تصاعد الجرائم ليس سوى جزء من صورة أكبر تتعلق بالضعف الأمني الناجم عن تدهور الوضع السياسي والاقتصادي. الحكومة الانتقالية التي تشهد انقسامات داخلية، لم تتمكن من فرض سيطرة كاملة على الوضع الأمني في البلاد. كما أن الأجهزة الأمنية التي كان من المفترض أن تحمي المواطنين تُظهر ضعفًا في الاستجابة السريعة والفعالة، مما يزيد من حالة الانفلات الأمني.

من جانبه، يقول المحلل الأمني السوداني، علي الحسن: “إن الوضع الأمني في السودان يزداد تعقيدًا بسبب صراعات جماعات مسلحة وأزمات داخلية، مما يؤدي إلى انفلات أمني في معظم المناطق. لا يمكننا إغفال الدور الكبير للجريمة المنظمة التي باتت تستهدف المدنيين بشكل متزايد.”

روايات أخرى:

علاوة على ذلك، نجد أن المرأة في السودان أصبحت من أكبر ضحايا الجرائم، خاصةً في مناطق النزاع. نوال، وهي إحدى الناجيات من محاولة اغتصاب في دارفور، تروي قصتها قائلة:

“في المرة الأخيرة، تعرضت لاعتداء من قبل مجموعة من المسلحين أثناء عودتي من السوق. كنت بمفردي، وفجأة اقترب مني هؤلاء الرجال وأخذوني بعيدًا عن الطريق. لحسن الحظ، تمكنت من الهروب، لكن هذا الحادث أثر عليّ كثيرًا. الوضع في دارفور ليس آمنًا للنساء، ولا أحد يستطيع أن يحمينا.”

الاعتداءات الجنسية ضد النساء في مناطق النزاع أصبحت منتشرة، حيث تسجل العديد من الحالات من قبل المنظمات الإنسانية.

الوضع الأمني في السودان اليوم أصبح يتطلب استجابة فورية من الحكومة والمجتمع الدولي لوضع حد لهذه الجرائم المتزايدة. مع استمرار الصراعات الداخلية وغياب الاستقرار، يعاني المواطن السوداني من عدم وجود أمان في حياته اليومية. إن تقارير وشهادات الشهود العيان تعكس الصورة الحقيقية لما يحدث على الأرض، وهي دعوة لتحرك عاجل لتوفير الحماية للمواطنين وتحقيق الأمن والاستقرار في جميع أنحاء السودان.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى