الأخبار العالمية

من نقل السفارة الى تهجير الفلسطينيين ! هل كانت خطة ترامب تشمل غزة ؟

منذ توليه منصب رئيس الولايات المتحدة، أثار دونالد ترامب العديد من القرارات المثيرة للجدل المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأهمها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو ما أغضب الفلسطينيين وحلفاءهم في المنطقة. ولكن في العام 2020، انتشرت شائعات وتقارير تتعلق بمقترح ترامب الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة في إطار ما سُمي بـ “صفقة القرن”. فما حقيقة هذه التقارير؟ وهل كان ترامب جادًا في تنفيذ هذا المخطط؟ هذا الموضوع سيتناول جميع هذه الجوانب ويستعرض التحليل الإعلامي لتلك الفترة.

 

أصل الشائعات حول تهجير الفلسطينيين:
في عام 2020، تداولت وسائل الإعلام الدولية والعربية تقارير عن نية الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب دفع الفلسطينيين إلى مغادرة قطاع غزة في إطار خطة السلام المعروفة باسم “صفقة القرن”. وحسب الشائعات، كانت الخطة تشمل إعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى، مع اقتراحات لتحويل قطاع غزة إلى “منطقة نزع السلاح”. لم تكن هذه التقارير مؤكدة أو صادرة عن مصادر رسمية، ولكنها أثارت موجة من الجدل والاستنكار في الأوساط السياسية والإعلامية.

محتوى “صفقة القرن” وموقف ترامب:

تضمنت “صفقة القرن” التي أعلنها ترامب في يناير 2020 خطة من طرف واحد لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. الخطة كانت تعتمد بشكل كبير على الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، مما أدى إلى رفض فلسطيني قاطع لها. أحد أهم بنود الخطة كان إنشاء “دولة فلسطينية” على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنها كانت تفتقر إلى سيادة حقيقية بسبب القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة.

من أبرز النقاط التي اعتُبرت مثيرة للجدل هي دعوة ترامب إلى “تبادل الأراضي” في الخطة، وهو ما يعني نقل بعض الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل مقابل أراضٍ إسرائيلية أخرى. في إطار هذا التبادل، كانت هناك اقتراحات عن إمكانية “تحويل” غزة إلى منطقة تحت حكم فلسطيني محدود، مع استعداد بعض الدول العربية لقبول الفلسطينيين كمهاجرين في حال فشل الخطة.

ردود الفعل المحلية والدولية:
– الجانب الفلسطيني:*
رفضت القيادة الفلسطينية رفضًا قاطعًا “صفقة القرن” وأكدت أنها لا تتضمن أي حلول عادلة لقضية اللاجئين الفلسطينيين. الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصف الخطة بأنها “مؤامرة”، وأكد أن الفلسطينيين لا يمكن أن يقبلوا بتهجيرهم أو التنازل عن أي جزء من حقوقهم التاريخية.

على الرغم من عدم وجود نص صريح يدعو إلى “تهجير الفلسطينيين” كما تصفه بعض وسائل الإعلام، إلا أن القيادات الفلسطينية اعتبرت أن الخطة تهدف إلى “تفريغ الأراضي الفلسطينية” من سكانها عبر تجميد حق العودة.

– الجانب الإسرائيلي:

من جهته، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المؤيدين الرئيسيين لخطة ترامب، وقد وصفها بأنها “فرصة ذهبية” لإسرائيل لتوسيع سيادتها على الأراضي. ومع ذلك، لم يلتزم نتنياهو في العلن بمسألة تهجير الفلسطينيين، بل كان يركز على الجوانب الأمنية والدفاعية للصفقة.

– ردود الفعل الدولية:
لاقت الخطة رفضًا واسعًا من قبل العديد من الدول العربية والإسلامية، وكذلك من قبل المجتمع الدولي. الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي اعتبرت الخطة تهديدًا للسلام في الشرق الأوسط، فيما اعتبرت بعض المنظمات الحقوقية أن الخطة تتجاهل حقوق الفلسطينيين الأساسية.

التحليل الإعلامي للنية المزعومة في تهجير الفلسطينيين:
تعددت آراء الخبراء والمحللين حول نية ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين. بعضهم اعتبر أن ترامب كان يروج لخطة دبلوماسية تركز على إيجاد “حلول” للأراضي عبر تغيير التركيبة السكانية في المنطقة، مما يضمن السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. ولكن لم يكن هناك أي دليل ملموس يثبت أن ترامب كان يخطط لتنفيذ “تهجير” جماعي للفلسطينيين في غزة، كما يتردد في بعض وسائل الإعلام.

على الرغم من أن بعض الوثائق كانت تشير إلى تبادل الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين، إلا أن الفكرة الرئيسة لصفقة القرن كانت التركيز على الجوانب الاقتصادية والأمنية، مع محاولة تحقيق حلول “مؤقتة” للمشاكل الهيكلية التي يعاني منها الفلسطينيون.

الواقع على الأرض بعد ترامب:

بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض في يناير 2021، أصبح من الواضح أن “صفقة القرن” لم تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي. لم تقم إدارة الرئيس جو بايدن بأي خطوات لتنفيذ هذه الخطة، بل سعت إلى إعادة تنشيط محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفقًا للمعايير الدولية.

ورغم الضغوط التي تعرضت لها القيادة الفلسطينية خلال فترة ترامب، فقد ظل الفلسطينيون ثابتين في رفضهم لمشاريع “التصفية” للقضية الفلسطينية.

بالرغم من كثرة الحديث عن نية ترامب في تهجير الفلسطينيين من غزة كجزء من خطة “صفقة القرن”، فإن الواقع يكشف أن تلك التصريحات والتقارير كانت مبالغًا فيها ولم تترجم إلى خطوات عملية. كان ترامب يسعى لتقديم رؤية قد تتناسب مع سياسات إسرائيل الأمنية في المنطقة، لكن كانت هناك مقاومة شديدة من الفلسطينيين والمجتمع الدولي. ورغم هذا، تبقى قضية فلسطين واحدة من أعقد القضايا التي تواجه المنطقة، ولن تجد حلولًا دائمة إلا عبر مفاوضات حقيقية تحترم حقوق الفلسطينيين وتؤدي إلى السلام العادل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى