غير مصنف

لُقِب بحاسبة فيريجنيا البشرية .. تعرف على توماس فولر

 

 توماس فولر ، الأفريقي الذي تم بيعه للعبودىِة في عام 1724 وهو في سن الرابعة عشرة ، يُعرف أحيانًا باسمحاسبة فرجينيالقدرته غير العادية على حل مسائل الرياضيات المعقدة في رأسهسُئل عن عدد الثواني في عام ونصف ، فأجاب في حوالي دقيقتين ، 47304000.

مرة أخرى سئل عن عدد الثواني التي عاشها رجل يبلغ من العمر 70 عامًا و 17 يومًا و 12 ساعة، فأجاب خلال دقيقة ونصف 2210500.800. 

كان أحد الرجال يحل المسائل على الورق ، وأبلغ فولر أنه كان مخطئًا ، لأن الإجابة كانت أصغر بكثير ! أجاب فولر على عجل: “توب ، ماسا ، لقد نسيت سنة كبيسة“.  وعندما تمت إضافة السنة الكبيسة ، تطابقت الأرقام !

فمن هو هذا العبقري ؟ لنتعرف على قصته 

ذات يوم وفي  إحدى المزارع الكثيرة المنتشرة في ولاية فرجينيا الأمريكية  ,وقف كل من المشرف و مساعده المسؤولان عن   المزارع يتجادلان بصوتٍ عالٍ ومحتدم ، بينما يعمل العبيد في الحقل المجاور لهم , كان نقاشهما عالياً و حاداً حول مسألة حسابية تتعلق بالأرباح و الحصاد ، حيث أن كل واحد منهما قد حصل على رقم مختلف في حساباته و ظل متمسكاً به و لأقتناعه جيداً أنه هو الصواب. وعلت الأصوات واشتد النقاش !

الى أن سمعا فجأة صوتاً مؤدباً يقاطع جدالهم ، و  يقول لهما بلهجة خفيفة  “أرجو المعذرة أيها السادة و لكن أعتقد أن كلاكما مخطئ ” !  . التفتت الرجلان بنفس الوقت إلى مصدر الصوت ليجدا أمامهما شيخاً أسوداً شاب رأسه و حاملاً قبعته المصنوعة من القش و ينظر إلى الأرض بهدوء , عندها  توقف المشرف لبرهة من الزمن كأنه يستوعب أمراً ما ،  ثم قال باستهزاءو أظن أن عبداً غبياً مثلك سيعرف الإجابة لهذه المسألةليجيب العبد  بنعم أنا أعرف جيداً  , و أعطاهما رقماً مغاير تماماً عن الأرقام التي يتجادلون حولها ، ثم استأذن عائداً إلى عمله تاركاً المشرف و مساعده مصدومين ويتبادلون النظرات فيما بينهم وكأن المساعد قد اقتنع نوعاً ما بكلام العبد  ,  فقال  للمشرفأعتقد أن علينا أن نعيد الحساب للمرة الأخيرة لنتأكد فقط ليس الا ! ” .

وافق المشرف على مضض وعدم اقتناع  و حين أعادا  الحساب  ! أتت الصدمة ! فبشكل دقيق جداً  حصلا على رقم مطابق لما جاء به العبد , حينها سأل المشرف مساعده وعلامات الاستفهام تدور في عقله , لمَ أردت إعادة الحساب و التخلي عن حساباتك السابقةأجابه المشرفألم تعرف من هذا العبد ؟ إنه توم الزنجي  الذي تملكه عائلة كوكس”. هذا الجواب ترك المشرف في حيرة وتساؤل ، وماذا يعني توم الزنجي!

 

  أنه هو (توماس فولر) و لكنه يعرف باسمه الآخر (توم الزنجي).

ولد توم عام 1710 في مكان ما غرب أفريقيا ،  يعرف اليوم بـ ليبريا، وعُرِف قديماً بساحل العيد  ، حيث يتم بيع العبيد وخصوصاً بعد ازدهار  تجارة بيعهم عندما   بدأ المستوطنون في العالم الجديد بالتحول من البحث عن الذهب إلى البحث عن العبيد ،  و بدأ العديد من أصحاب السفن و الأعمال باختطاف آلاف البشر من أفريقيا و الإبحار بهم إلى العالم الجديد لبيعهم كعبيد للعمل في الحقول و القيام بالأعمال الحقيرة التي لا يقوم بها أسيادهم البيض.

أُختِطُف  توماس عام 1724 حين كان يبلغ من  العمر 14 عاماً فقط ، وقد  تم الإبحار به إلى أمريكا وبالتحديد إلى ولاية فرجينيا حيث اشترته عائلة كوكس و المتكونة من السيد بيرسلي و السيدة اليزابيث كوكس ، وقد كانت هذه العائلة أمية ، لا يعرفون القراءة والكتابة  و كانوا كذلك يملكون 16 عبداً ،  على الرغم من اعتبار توماس (أمياً) كونه لا يعرف القراءة و الكتابة باللغة الانكليزية, إلا أنه عُرِف بمهارته الغريبة و الجبارة في حل المسائل المعقدة بوقتٍ قياسي وهذا  ما قربه من أسياده  و فضله سيده على بقية العبيد حتى أنه زوجه من المرأة التي أحبها دوماً . فقد كان السيد كوكس رجلاً طيباً مع توماس بالنسبة للأسياد الآخرين.

وثقت عائلة كوكس بتسليم توماس حسابات و أمور المزرعة البالغة مساحتها 232 فدّان ، و لم يخذلهم توماس يوماً بل كان قادراً على القيام بالمسائل المعقدة في رأسه فقط و بدون استعمال أي آلة حاسبة أو ورقة و قلم. مثيراً للعجب !


وبعد الحادثة المذكورة التي تجادل فيها المشرف ومساعديه   في الحقل , وصل خبرتومإلى رجل أعمال في ولاية بنسيلفينيا وقد أثار فضوله كثيراً ومن كونه أشبه بالحاسبة البشرية  , فقرر هذا الرجل و وبمساعدة اثنان من معاونيه القدوم للمزرعة و التحقق من نبأ توم شخصياً .


وبالفعل  في عام 1780 جاء الرجل و والتقى  بتوم الزنجي وقد كان يبلغ آنذلك    70 عاماً من العمر ، فهو شيخ كهل ،  و طرح عليه عدة أسئلة حسابية كان يعرف أجوبتها مسبقاً و لقد أصاب توم في كل جواب له .

عاش الرجال في استغراب شديد ، فكيف لعبد أفريقي أن يكون بهذا الذكاء العالي ؟ وأين تعلم الحساب وهو آتٍ من إفريقيا ، القارة التي تعيش الفقر والاستعباد؟  اسئلة كثيرة دارت في عقول الرجال ، استغرابتهم مقززوكأن العلم حصراً على الشعب الأبيض 

   استنتج الرجال  أن هذا الشيخ الكبير قد علم نفسه بنفسه  في شبابه ، وتعلم الحساب و على الأرجح عل في بلده في أفريقيا ، لأنه كما هو معلوم   أن العبيد في أمريكا ممنوع عليهم تعلم القراءة و الكتابة

 توم من جانبه أشار    بأنه تعلم في البداية الحساب لغاية رقم 10 ثم إلى الرقم 100 و هكذا .. و فقد كان يطور مهاراته الحسابية أثناء قيامه بأعماله في أنحاء المزرعة كحساب الشعرات في ذيل الأبقار و حساب حبات القمح أو الذرة في البوشل الواحد (البوشل مكيال إنكليزي للحبوب).


اعترف الرجال على مضض وغيرة  بموهبة توم الزنجي العبقرية ،  و أنه أعجوبة حية و لو تم اكتشافه في شبابه لربما تمكنوا من تعليمه تعليماً عالياً مثل الرجال البيض و لربما أصبح عبقرياً , ليجيبه تومكلا يا سيدي , من حسن الحظ أني لم أحظَ بتعليم لأن العديد من المتعلمين ما هم إلا أغبياء عظام”!.

توفي توماس فولرتوم الزنجيعام 1790 عن عمر يناهز الـ 80 عاماً و قد كُتِب  في نعيه كتخليداً له :  ” هنا يرقد توم الزنجي, هذا الرجل الذي علم نفسه بنفسه الحساب و الرياضيات و لم يلقنه إياه أحد, و لو توافرت له الفرص المناسبة لتحسين و صقل مهاراته ما توافر لغيره من البيض لما خجل مجتمع لندن الملكي في باريس و لا أكاديمية العلوم و لا حتى نيوتن نفسه , من الاعتراف بتوم كأخ لهم في العلم”.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى