الدكتور الأمريكي تشارلز بيكر ومشروع التّعاطف بين الأديان بدل وسائل التواصل الاجتماعي
بدر العبري: وسائل التواصل الاجتماعي
وفاة الطبيب والناشط الاجتماعي في التعاطف والتعايش بين الأديان الدكتور الأمريكي تشارلز بيكر، حيث زرته صباح يوم الأربعاء الرابع عشر من أغسطس عام 2019م في مؤسسته التعاطف والتعايش Compassionate DFW في دالاس بولاية تكساس، وتحدثت عن اللقاء في كتاب التعارف (ص: 250 – 256)، حيث تحدثنا في جوانب عديدة،
وخلاصة رؤيته في التعاطف التالي:
1- لا أحد يولد وفي قلبه الكراهية ضد أحد، مهما اختلف عنه، فهو مولود على فطرة بيضاء نقية، –ومع مرور الزمن يكسب سلوكيات معينة، لهذا كانت الرحمة والتعاطف ضرورية لهذا الإنسان.
2- أصدر مركزنا مطوية حول التعاطف بعنوان: for Compassion تتكون من أربعة نصوص كمبادئ وقيم عامة، وهذه النصوص الأربعة جاءت من قبل شخصيات دينية متعددة، ومن قبل أيضا شخصيات لا دينية، وكذلك شخصيات فكرية وفلسفية، حيث الجميع كتب أو اتفق مع هذه النصوص الأربعة، وهذا يعود إلى عام 2008م لما كرمت كارن أرمستروتج بجائزة عالمية، وهي بريطانية الجنسية،
فلما سؤلت ما أمنيتك؟ أجابت: أرجو أن يجتمع رجال الدين والفكر عموما معا، ويضعوا نصوصا حول التسامح والتعايش، فاجتمعوا في عام 2009م وكتبوا هذه النصوص الأربعة.
3- النص الأول يتحدث عن التسامح والتعايش مع الجميع، فمن حق الجميع أن يعيش في هذه الحياة، وأن يتمتع بما فيها من خيرات، وأن يكون شعارهم: حب للآخر ما تحبه لنفسك، فالغاية نشر السلام والمحبة بين الجميع من البشر.
4- والنص الثاني أنه علينا بشكل عام أو خاص أن نشعر بآلام الآخرين، ونبحث عن هذه الآلام لنقدم الحلول، ونبتعد عن الأنانية، فالكثير من البشر محرومون من أقل حقوقهم الإنسانية، فعلينا أن نساعدهم، وأن نسعى في خدمته ولو كان معاديا لنا، لقد خسرنا معركة مواجهة الكراهية، فقد شاعت بين البشرية، ولكن علينا أن لا نيأس، بل نواصل الطريق في مواجهتها، ليحل محلها المحبة والتعايش
والسلام.
5- والنص الثالث يتحدث عن الأديان في السابق أنها كانت سببا في الكراهية والصراع
بين البشر، ومع هذا الأديان أيضا حملت فكرة السلام والمحبة، وعليه النصوص القديمة في هذه الأديان إما أنها نصوص تدعو إلى الصراع والكراهية، وإما نصوص تدعو إلى المحبة والسلام، فنصوص الصراع والكراهية جاءت لزمنها، ولا علاقة لها بزمننا، بينما نصوص المحبة والسلام هي التي تفيدنا في زمننا، فنتعامل مع هذه
الأديان وتعاليمها بشكل إيجابي فيما يخدم البشرّية.
6- والنص الرابع يتحدث عن ضرورة الإسراع في نشر التعاطف والتعايش بين الناس، وأن نحارب الكراهية، وكلما اتحدنا كلما أسرعنا في كسر خطاب الكراهية.
7- وسبب وجود صراع في النصوص الدينية القديمة أن البشرية حينها كانت في البحث عن سبب الوجود، وعن خالق الوجود، إلا أنه أيضا بسبب الجوع والبحث عن الطعام كانت القبائل تتقاتل فيما بينها، وأنا كمسيحي أجد في العهد القديم من الكتاب المقدس من النصوص التي تدعو حتى إلى قتل الأطفال والنساء، كما توجد نصوص تدعو إلى التسامح والمحبة، فعلينا أن نتجاوز نصوص الكراهية
والعداوة، ولا نشتغل بها، ونتمسك بنصوص المح ّبة وال ّتعايش وال ّتسامح.
8- وأنا كطبيب أدرك أنه يوجد مكان في أسفل الرأس من الخلف يهيج الصراع مما يؤدي إلى القتل، بينما في أعلا الرأس من الأمام يوجد مكان يدعو إلى التعقل،
فعلينا أن نأخذ بمقدمة الرأس، ولا يسيطر علينا آخر الرأس.
9- ومما يهدد المجتمع البشري الصراعات الثلاثة: الدينية والعرقية والسياسية، وخطورة الصراع الديني أنه ينطلق من دائرة الغيب، وكذلك الصراع العرقي خطورته خصوصا في اللون واللغة، وأما السياسات فتختلف، فقد تستغل الدين والعرق في تأجيج الصراع، وقد تحجم من ذلك، وتكون سببا في التعاطف والتعايش، وهناك إشكالية في السياسات أنها تهتم بالتعاطف والتعايش في دولها من باب المواطنة، لكنها لا تهتم بذلك في الدول الأخرى، أو تكون سببا في نشر
الصراع في أماكن العالم .
10- وإذا كانت الأديان جاءت لتحقيق المحبة وفق تعاليم تناسب ذلك الزمان؛
فنحن اليوم بحاجة أيضا إلى تحقيق هذه المحبة من خلال تعاليم نصنعها نحن، وتحقق ذات الغاية بما يناسب زماننا.
4
11- وإذا كان الطفل يولد بلا كراهية، فيجب علينا تعميق المحبة والتعاطف والتعايش بين الأطفال، خصوصا الأطفال من ثلاث سنوات إلى ست سنوات، ونع ّمق فيهم أن يح ّبوا جميع البشر، وأن نك ّرس فيهم قيمة المساواة بين الجنس البشري، وفي هذه المؤسسة نظام دراس ي من الطفولة وحتى اللحد، فالكبار أيضا بحاجة إلى تعميق المحبة والتعاطف والتعايش، وبهذا في المؤسسة نساهم ولو بقدر
بسيط لأجل الإنسانية.
12- ولأقرب الصورة لك أكثر؛ لما نجتمع نشرب ثلاثة أكواب من الشاي، الكوب الأول أعرف لك بنفسي، والكوب الثاني أتعرف عليك، والكوب الثالث نتباحث معا في جوانب معرفية وحياتية، وهكذا يكون بين الأديان، وأنا جلست مع جميع الأديان الموجودة هنا، ونتج عن هذا تجمع الأديان في السنة، ونعمل طعاما للفقراء والمحتاجين، ونقدم معا مائة ألف وجبة لطلاب المدارس، ونساهم في مساعدة المشردين،وأفضل ما حققناه أننا خرجنا من حّيز الذات والمذهب و الّدين إلى حيز الإنسان.
ّ 13- ورسالتي الأخيرة إن الحياة قصيرة، فعلينا أن نستمتع بها، ولا يكون إلا بنشر روح ال ّسلام والمحبة وال ّتعايش، ومحاربة الكراهية، فلنعش في سلام، ونضع أيدينا معا لأجل السلام.