“مارغو فولك” صاحبة أخطر وظيفة في زمن النازية

“كنت أنفجر بالدموع وأبكي مثل الكلاب، أنا وزميلاتي بعد أداء تجربة الطعام لأننا لا زلنا على قيد الحياة”.

هذا ما قالته مارغو فولك في حديثها عن وظيفتها، وقد كانت مارغو ضمن ١٥ فتاةً في منتصف العشرينات، وكانت وظيفتهن آنذاك تذوق طعام وشراب الزعيم النازي أدلوف هتلر، خشية أن يكون ممزوجًا بالسم. 

مارغو فولك المولودة في ٢٧ ديسمبر ١٩١٧، عاشت حياة بسيطة في إحدى القرى الألمانية، عملت كسكرتيرة وتزوجت في بداية الحرب العالمية الثانية، تم قصف منزلها فاضطرت إلى العيش مع والدة زوجها، الذي ألحق بالحرب آنذاك، واختفى وانقطعت أخباره لمدة عامين حتى ظنت أنه توفي.

لم تكن تعلم مارغو بأن مقر الزعيم الألماني كان يقع بالقرب من منزل حماتها، ولحظها التعيس وقع عليها الاختيار من قِبَل وحداتِ النخبة النازية، وأُلحقت بمقر إقامة الزعيم هتلر، وأَمضت فيه عامين ونصف كمتذوقة لطعامه وقد كانت تنتظر الموت مع كل لقمة تأكلها من ذلك الطعام اللذيذ والذي قد يكون مسمومًا. ولم يكن عملها يتطلب جهداً أو خبرة أو حتى شهادات علمية ولكنه في الحقيقة كان من الممكن أن ينتهي بوفاتها في أي لحظة.

وتصف مارغو الطريقة التي كانت تتم عندما يقمن بتجربة الطعام وكيف كانت كل فتاة منهن تقوم بذلك وكأنها تقاد إلى الإعدام حيث كنّ ينتظرن ساعة كاملة بعد كل عملية تجربة للطعام قبل التأكد من سلامته مع بكائهن أثناء قيامهن بذلك والانهيار بعد مرور الوقت اللازم وشعورهن بالألم المرعب لاضطرارهن تكرار هذه التجربة المؤلمة.

وقد بدأت مارغو وظيفتها وهي في تبلغ ٢٥ عامًا فقط، في مطبخ “وكر الذئاب” وهو رمز المقر الرئيسي والسري لهتلر وكان يشرف على ذلك مجموعة من الضباط تتركز مهمتهم في متابعة تأكد تذوق الفتيات للطعام والمشروبات بكل أنواعها قبل تقديمه.

وبحسب الوقائع التي ذكرتها “مارغو” فقد شهدت حادثة الاغتيال الفاشلة لهتلر عام 1944م حيث كانت في نفس مبنى “وكر الذئاب” الذي ما زال موجوداً حتى اليوم في أحد ضواحي برلين الشرقية وبات خالياً بعد استسلام برلين. 

وبعد عامين من الخوف وانتظار الموت استطاعت الهروب بمساعدة أحد الملازمين، فقد أرسلها على متن القطارإلى برلين، وقد علمت فيما بعد أن متذوقي الطعام الآخرين قد تم إطلاق النار عليهم من قبل الجنود السوفييت.

ولكن ولحظها السيء لم تستطع مارغو الوصول إلى بر الأمان، فقد تم القبض عليها من قبل الجيش السوفياتي، وذاقت أقسى أنواع العذاب آنذاك.

وبعد رحلةٍ شاقة وحياة لم تذق فيها سوى الأذى والعناء، ابتسمت لها الحياة وعوضها القدر عما عاشته، وجمعها بزوجها مرةً أخرى، الذي اكتشفت أنهُ على قيد الحياة في حالة حرب وسجن، وأكملت حياتها معه عام ١٩٤٦.

وبعد سنين خرجت السيدة مارغو عن صمتها، لتقرر أن تسرد قصتها للعالم، وتروي تفاصيل حياتها مع الزعيم النازي هتلرالذي كان نباتيا، فلم يكن  يأكل اللحم، وأحب الخضراوات، وتذوقت أطباقا غريبة مثل الهليون الأبيض في الصلصة المصنوعة من الزبدة الحقيقية وأطباق المعكرونة والفواكة الغريبة.

“لم أر هتلر مرة واحدة في حياتي، وكان عليّ المخاطرة بحياتي يوميا لأجله”، ضحت مارغو فولك بحياتها كل يوم، وأصبحت روحها على كف عفريت من أجل رجل لم تره في حياتها، “كان الطعام جيدًا.. جيدا جدًا، ولكن لم نستطع الاستمتاع به”، أخيرا استطاعت مارغو فولك تذوق الطعام من جديد، واسترجاع شهيتها التي هربت منها خوفا من الموت في كل مرة ترى فيها الطعام، توفي زوجها عام 1990 ورحلت في هدوء عام 2014 عن عمر ناهز 97 عاما، بعدما أخبرت العالم بقصتها.