غير مصنف

اليوم .. ذكرى إعدام الفيلسوف سقراط

 

تمر اليوم ذكرى صدور حكم الإعدام على الفيلسوف اليوناني سقراط، الذي يعتبر أحد مؤسسي الفلسفة الغربية، إذ صدر الحكم في 15 فبراير عام 399 ق.م، وذلك بعدما سعت حكومة الطغاة الثلاثين أن يطلبوا من سقراط وأربعة آخرين تنفيذ حكم إعدام ظالم على حاكم سالاميس، كما حوكم لإنكاره الآلهة وإفساد أخلاق الشباب.

تقول سيرة الفيلسوف أنه ولد في أثينا لأب نحات، مارس في البداية مهنة والده مكتفيًا بمستوى معيشي متواضع مع زوجته التي لا تطاق، إلى أن وقع حدث أثار وكشف عن موهبته الفلسفية، حينما أخبرت كاهنة أحد أصدقاء سقراط بأن هو أكثر البشر حكمة، ليبدأ هو في تلمس هذه الموهبة وتأكيدها وتنميتها، واوصلته قناعاته إلى عقيدة: «أن كل ما أعرفه هو أنني لا أعرف شيئاً فيما يعتقد الآخرون أنهم يعرفون ما لا يعلمون» هذا الاعتقاد السقراطي جعل من فكره أمرًا مزعجًا، وكانت مناقشاته التي لا تنتهي تلقى اهتمامًا كبيرًا من الشباب، مما أثار قلق أولياء أمورهم، واتهموه بالإلحاد وإفساد عقول أبنائهم، مما أدى في نهاية المطاف إلى محاكمته، تلك المحاكمة الشهيرة التي وردت في دفاع سقراط لأفلاطون، وفى هذه المحاكمة حاول سقراط عبثًا الدفاع عن نفسه.

كان حكم الإعدام على سقراط نتيجة قانونية لطرح أسئلة سياسية فلسفية على طلابه، مما أدى إلى اتهامين بالفساد الأخلاقي والمعصية. أثناء المحاكمة، صوت غالبية أعضاء هيئة المحلفين من المواطنين الذكور الذين تم اختيارهم بالقرعة لإدانته بالتهمتين. بعد ذلك، تمشيًا مع الممارسة القانونية الشائعة، صوت لتحديد عقوبته ووافق على حكم الإعدام ليتم تنفيذه من قبل سقراط وهو يشرب مشروبًا سامًا من الشوكران.

عملية الإعدام في ذلك الوقت في أثينا كانت تقام سريعا في المعتاد، لكن إعدام سقراط أجل بسبب أعياد دينية، وكان يمكنه أن يهرب، وتمنت السلطات حينها بعض التمنى أن يهرب، لكنه رفض هذا الخيار، على حد وصف المؤلف، وكان يقول دائما: “لماذا التمادى في التمسك بالحياة، إذا لم أكن سأعيش للأبد؟”.

وبحسب عدد من الدراسات الأخرى فإن وسائل هروب سقراط من سجنه قبل تنفيذ حكم الإعدام كانت متيسرة، حيث كان بإمكان تابعيه أن يقدموا رشوة لحراس السجن، لكنه رفض ذلك احترامًا للقوانين.

كانت طريقة إعدامه بأن يشرب سمًا مستخرجًا من نبات الشوكران، وترجاه تلامذته أن يؤخر شرب السم، إذ كان عليه أن يشرب السم في نهاية اليوم، ولم تكن الشمس قد غربت بعد وراء التلال، لكنه أكد أنه سيشعر بالمهانة أمام نفسه إذا تمسك بالحياة، وأخذ السم بكل هدوء. 

الشوكران من الفصائل النباتية شديدة السمية التي تنمو في درجة حرارة باردة، ويمكن تمييزه بالزهور البيضاء أو الخضراء التي يحملها وتبدو في شكل مظلة، ويعد من أشد النباتات السامة في قارة شمال أميركا، ويوجد السم في كافة أجزائه لكن عادة ما يتركز في الجذور، من الأعراض التي يسببها: الغثيان، القيء، آلام المعدة، الارتعاش والارتباك، وعادة ما تحدث الوفاة بسبب فشل جهاز التنفس في القيام بدوره أو الارتجاف البطيني بالقلب وذلك خلال بضع ساعات من هضم السم.

اشتهر بفلسفته الشهيرة حول ضرورة سعي الرجال نحو الذكاء، بالإضافة إلى أنه كان من الشخصيات العظيمة كونه طبق مبادئه، ولم يتنازل عنها على الرغم من أنها كلفته حياته، وتناقلت آراؤه الفلسفية من قبل تلامذته أفلاطون وزينوفون، اللذين ساهموا في نشر فلسفته للعالم.

ولكن فلسفته ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا، وعّد سقراط شخصية مثيرة للجدل، واعترف به على نطاق واسع، وسخر من العديد من المسرحيات الكوميدية، على الرغم من أنه لم يكتب شيئًا بنفسه، وتأثر العديد بحياة سقراط نظرًا للطريقة التي انتهت بها حياته، حيث أحيل في سن السبعين للمحاكمة بتهمة الإعدام.

أكتشف سقراط بأن الإنسان يعلن امتلاكه للمعرفة، من دون إدراكه للجهل الذي يمتلكه في الحقيقة، واعترف بأنه على بينة بجهله على عكس الآخرين، بالإضافة إلى أن دعوة سقراط وفلسفته أرتكزت على البحث عن الحكمة في السلوكيات المختلفة، التي تساعد على تحسين الأفكار والأخلاق للناس في أثينا، وأفنى عمره في مناقشة قضايا العدالة والتقوى بين المواطنين، بالإضافة إلى أنه لم يهتم للمناصب الإدارية العامة، بل أهمل شؤونه الخاصة، واشتهر بالشجاعة في الحملات العسكرية، فكان له العديد من الأعداء.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى