” هنا القاهرة ” .. الذكرى الـ٨٨ على انطلاق الإذاعة المصرية
هنا القاهرة”.. الجملة الشهيرة التي قالها المذيع أحمد سالم كانت هي أولي الكلمات التي انطلقت عبر الإذاعة المصرية عند افتتاحها في 31 مايو عام 1934 فأصبح هذا اليوم عيدا للإذاعة المصرية ومن بعده يوما للإعلاميين . عرفت مصر الإذاعة فى مرحلة مبكرة عن باقى الإذاعات العربية، فقد كان أول ظهور لها عام ١٩٢٥ ، وكانت على شكل إذاعات أهلية يملكها أفراد وتعتمد فى تمويلها على الإعلانات ، ومن بين هذه الإذاعات (راديو فاروق) و(فؤاد) و(فوزية) و(سابو)إذاعة كانت معظم هذه المحطات ضعيفة الإرسال لا تغطي أكثر من الحي الذي تذيع منه، ومعظمها أقيمت في غرفة أو شقة صغيرة، وتتعرف علي رغبات مستمعيها عن طريق الخطابات والمكالمات، حيث كان يحمل البريد يوميا إلى بعض هذه المحطات ثلاثين أو أربعين خطابا. ثم صدر المرسوم الملكى الذى حدد ضوابط وشروط العمل الإذاعي ومنها الحصول على ترخيص للعمل وفى ٢٩ مايو ١٩٣٤ تم إيقاف جميع الإذاعات الأهلية وتم التعاقد مع شركة ماركونى على إنشاء الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية وقضى العقد المبرم بين الجانبين أن تكون الحكومة هى المحتكرة للإذاعة وأن الشركة موكلة من الحكومة فى إدارتها وإنشاء برامجها لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد، وأنه فى مقابل الإدارة تتلقى الشركة حصة من حصيلة رخص أجهزة الاستقبال، قدرها ستون فى المائة، وإنشاء لجنة عليا للإشراف على البرامج ، تتكون من خمسة أعضاء ثلاثة منهم تعينهم الحكومة وعضوان تعينهما الشركة، وكان أول رئيس لهذه اللجنة العليا هو الجراح المصري على باشا إبراهيم، و العضو الثانى هو حافظ عفيفى باشا والعضو الثالث حسن فهمى رفعت باشا .
وبدأت الإذاعة بثها تمام الساعة الخامسة والنصف مساء يوم31 مايو عام 1934 بآيات من الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد رفعت، وتلاها إنطلاق صوت الآنسة أم كلثوم التى تقاضت 25 جنيهًا نظير إحيائها للإفتتاح، وغنى أيضًا فى ذلك اليوم المطرب صالح عبد الحى، ثم مطرب الملوك والأمراء محمد عبد الوهاب، وشمل برنامج الإذاعة حسين شوقى أفندى الذى ألقى قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقى بك، وألقى الشاعر على بك الجارم بصوته قصيدة تحية لملك البلاد فؤاد الأول ملك مصر والسودان، والمونولوجست محمد عبدالقدوس، والموسيقيان مدحت عاصم وسامى الشوا”، ومع أحمد سالم كان المذيع محمد فتحى الذى عرف بلقب “كروان الإذاعة”.
واستمر إرسال اليوم الأول لمدة ٦ ساعات، وتجدر الإشارة أنه قد انتهى عقد شركه ماركونى مع الحكومة المصرية فى ٣٠ من مايو ١٩٤٤ وفى ١٩٤٧ تم تمصير الإذاعة.
وقال الدكتور فتحي شمس، أستاذ الإعلام، إن أنجح تجربة إعلامية قامت بها الدولة المصرية هي تجربة مصر مع الإذاعة، وهذا جاء نتيجة أن كل عوامل النجاح لإنجاح هذه التجربة الإعلامية كانت متوفرة.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج ·صباح جديد»، اليوم، أن فكرة إنشاء الإذاعة المصرية واستغلالها سواء من أجل نشر قوة مصر الناعمة في تلك الفترة، وكذلك أن الإذاعة كانت هي الوسيلة الأكثر انتشارا في العالم في هذا الوقت، وكانت مصر تمتلك أدوات هذه الوسيلة الإعلامية بكل احترافية.
وتابع: «وكان هذا نتيجة أن البث الإذاعي يصل لعدد كبير جدا من الدول العربية، وهي من السمات المتميزة للإذاعة أن بثها يصل إلى مناطق نائية ويستطيع عبور الحدود، وكانت تستخدم لنشر الفكر الناصري تحديديا في تلك الفترة، وقامت بدور كبير للترويج للأفكار الناصرية والأفكار القومية العربية وشهدت نجاحا كبيرا».
واستطرد: «التجربة المصرية هي رقم 2 على مستوى العالم بعد المملكة المتحدة، وكان لديها عددا كبيرا من الإذاعات الموجهة في مختلف دول العالم، الأمر الذي ساهم في تحرر الكثير من الدول الإفريقية ونشر الفكر التحرري والقومية العربية».