تعرف على تانيا هيد ، أشهر أمرأة مزيفة عرفها التاريخ
لم تكن ” تانيا هيد ” مجرد ناجية من ضمن ١٩ شخصاً آخرون نجو من تفجيرات الحادي عشر مو سبتمبر ، فهي الناجية والأرملة التي أظهرت شجاعة كبيرة في مساعدة الضحايا أثناء الحادث ، وأسرت قصة نجاتها قلوب الأمريكيين .
حسب الرواية المزعومة تانيا كانت تعمل في الطابق ٧٨ بصحبة ١٧ شخص آخرون ، وفجأة شعرت بقوة ما تدفعها على الأرض لترتطم وتجد ألسنة اللهب تنتشر في الطابق ، فما كان منها الا الزحف بكل عزيمة بسبب خيالات شريك حياتها ديفيد أم عينيها ، وتضيف ” شعرت كأني في خيال فالجثث تناثرت في كل مكان ورائحة الجلد المحترق تسيطر على الأجواء ، فبدأت أشعر أنس قريبة من الموت ” واجهت رجلاً يحتضر فسلمها خاتم زواجه كيف تسلمه زوجته.
أن تفاصيل المشهد واحتضار الضحايا من الإنفجار مؤلمة للغاية ، واسترجاع الذكريات والقصص التي روتها هيد في تلك اللحظات على أسماع الرأي العام الأمريكي أشبه بعمل درامي حزين .
وفي ذكرى الحادث الأليم وبحضور عدد غفير من الساسة والصحفيين وكبار المسؤولين جمعت هيد أموالاً كثيرة وحصدت شهرة بالغة كونها أشهر ناجية من تفجيرات أحداث ١١ سبتمبر .
وبدورها هيد أسست جمعية تهدف الى جمع التبرعات للناجيين من الحادث لينضم إليها قرابة ٥٠٠ شخص وتم انتخابها بالإجماع كرئيسة للجمعية .
ذاع صيت تانيا هيد في طول الولايات المتحدة وعرضها وتحتشد الماكنة الأعلامية الجبارة للترويج لها باعتبارها ايقونة الناجين وانها علامة من علامات الضمير الأمريكي الحي.
ومع تزايد هيد لنشر قصة نجاتها بدأت في نسيان بعض الجوانب التي روتها مسبقاً كما بدأ يعلق الجميع من شركاء في الحدث وصحافيين واعلاميين ومجتمع مدني ان تانيا كانت الشخص الأكثر معاناة والأكثر تعبيرا عن معاناة الناجين من موت محقق .
يقول عدد من زملائها انها كانت تتجنب الجلوس والحديث بشكل مباشر مع الناجين من نفس الطابق الذي كانت فيه ساعة وقع الحدث الجلل ويقول آخرون انها تتجنب الأفصاح عن تفاصيل تتعلق بشريكها او خطيبها فلا اسمه العائلي واضح ولا هي نشرت صورته كما انها تارة تسميه شريكي وتارة زوجي وتارة صديقي وكان الجميع يجد لها العذر فهي امرأة مصدومة ومشوشة من هول ماجرى .
لكن صحفيا في نيويورك تايمز مازال حيا يرزق كان قد التقى جميع الناجين من الواقعة وذلك في شهر ايار مايو 2002 وبدافع الفضول الصحفي عاد الى اسماء جميع من التقاهم ولكنه لم يجد اسم ” تانيا ” قط من بين الناجين .
وبدافع الفضول الصحافي ايضا بدأ في استجواب عدد من الناجين ويخبرهم ان استجوابه شخصي وبتكتم شديد وفيه مزيد من الأسئلة عن شخصية تانيا هيد : منذ متى تعرفها ، هل شاهدت صورة لزوجها ، هل تعرفه، كم من الزمن عملت مع تانيا في ذلك الطابق الى ماهنالك من اسئلة .
ظهور الحقيقة !
وفي عام 2011 أكتمل عمل ذلك الصحفي في التحري عن تانيا وشخصها وتاريخها ليعلن وبإسم صحيفة نيويورك تايمز مايشبه الصدمة للرأي العام ان “تانيا هيد ” ليست الا شخصية كاذبة ومزيفة ولا اساس لها وانها مجرد امرأة فائقة الذكاء والشيطنة استطاعت بمهارة خداع الملايين في الولايات المتحدة بمن فيهم ساسة كبار واجهزة احترافية عالية المستوى .
صدمة الرأي العام
شكل اكتشاف الأمر صدمة كبيرة للجميع ثم مضر التحريات الى ماهو ابعد من ذلك : حيث اكتشفوا أن تانيا هي ليست مواطنة امريكية اصلا ، بل اسبانية وان اسمها ليس تانيا هيد بل “اليسيا ايستيف هيد” وانها لم تكن قط موجودة في الولايات المتحدة لا في يوم ولا في شهر ولا حتى في عام وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر بل كانت مجرد طالبة في قسم ادارة الأعمال في برشلونة.
الصحافة الإسبانية
ما أن انتشر خبر النيويورك تايمز في العالم ، سارعت الصحافة الأسبانية ان تلتقط القصة ، كما بدأوا كذلك بجمع معلومات أخرى متعلقة بزيف شخصية تانيا هيد ، المعلومات صادمة فهذه الفتاة هي سليلة اسرة من المحتالين ، والدها وشقيقها يقبعان في السجن وذلك لأرتكابهما اعمال احتيال واختلاس بملايين الدولارات ادت بهم الى السجن .
الهروب الكبير
وفي خضم انتشار قصة الكاذبة الأشهر ، فقد استقلت تانيا الطائرة هاربة من موقع الحدث ومن الملاحقة القضائية لينتهي بها المطاف الى جهة غير معلومة وليتلقى من كانوا معجبين بها يوما رسالة نصية قصيرة مفادها ان تانيا قد انتحرت فعلا !
لكن من دون دليل مؤكد ما دفع الكثيرين الى القول ربما كان هذا فصل اخر من فصول قصة الخداع الطويلة التي اتقنتها تانيا هيد وصدقها المجتمع الأمريكي بأسره بفضل الأعلام الذي روج لها واقنع الجميع بقصتها المزيفة جملة وتفصيلا في حملة تلفيق فريدة من نوعها في مايشبه الدراما الترجيكوميدية .