دراسة جديدة حول علاقة التلوث بالإكتئاب
تلوث الهواء.. خطر يهدد الإنسان والكوكب
يعتبر تلوث الهواء أكبر أزمة صحية بيئية تواجهها البشرية حيث يتسبب في وفاة حالة من كل ثماني حالات وفاة عالمية، كما أن 4.3 ملايين فأكثر حالة وفاة سنويًا بسبب تلوث الهواء الداخلي بالمقابل 3 ملايين فأكثر حالة وفاة سنويًا بسبب تلوث الهواء الخارجي.
ولطالما كان تأثير التلوث على الصحة البدنية يثير قلق العلماء، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والتهابات الجهاز التنفسي وسرطان الرئة وغير ذلك.
حديثًا كشفت دراستان بأن استنشاق الهواء الملوث على المدى البعيد، يتسبب بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب وأمراض نفسية أخرى، ويؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية على حد سواء.
خضع 390 شخص بالغ بالمملكة المتحدة للمتابعة على نحو 11 عامًا في الدراسة الأولى، وتمت دراسة مستويات التلوث التي تعرضوا لها استنادًا إلى عناوين منزلهم.
وقال الباحثون أن التعرض على المدى البعيد لملوثات متعددة مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، مع أن معايير جودة الهواء في دول كثيرة لا تزال تتجاوز إلى حد كبير أحدث توصيات منظمة الصحة العالمية عام 2021.
أما الدراسة الثانية فركزت على الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 64 عامًا، شملت 8.9 ملايين شخص بينهم 1.5 مليون يعانون من الاكتئاب، وتناولت أثر تلوث الهواء على معاناة الاكتئاب في مرحلة متقدمة من العمر.
أظهرت النتيجة وجود رابط قوي بين التلوث والاكتئاب، ويمكن تفسير هذا الرابط حسب الدراستين من خلال العلاقة التي لوحظت بين التركيزات العالية من الملوثات والالتهابات في الدماغ.
وجد الباحثون أن الزيادة التدريجية في ثاني أكسيد النيتروجين، الذي ينتج عن طريق مركبات الديزل، يزيد من مخاطر الاضطرابات النفسية الشائعة بنسبة 39٪، وبالنسبة لتلوث الجسيمات الصغيرة، الذي يأتي من حرق الوقود وغبار الفرامل والإطارات، ارتفع الخطر بنسبة 18٪.
ووجد العلماء أيضًا أن الأشخاص الذين يعيشون في أماكن ذات مستويات أعلى من تلوث الجسيمات كانوا أكثر عرضة بمرتين للإصابة بمشاكل الصحة العقلية من أولئك الموجودين في المناطق الأقل تلوثًا.
وجاءت نتائج مستويات التلوث بالجسيمات في لندن أعلى من إرشادات منظمة الصحة العالمية، حيث يتنفس 90٪ من الناس هواءً ملوثًا.
قال دكتور يوانيس باكوليس، المحاضر في جامعة “كينجز” في لندن، الذي قاد البحث: “إن تلوث الهواء ليس العامل الوحيد الذي قد يؤثر على وجود الاضطرابات العقلية، ولكنه عامل يمكن الوقاية منه”.
وأضاف: “قد يمثل إدخال تدابير للحد من تلوث الهواء إجراءً نادرًا ومؤثرًا للصحة الأولية للوقاية من الاضطرابات النفسية”.
وذكر دكتور إيان مودواي، المحاضر في جامعة “إمبريال” في لندن وعضو فريق البحث، أن معدلات اضطرابات الصحة العقلية معروفة بأنها أعلى في المناطق الحضرية لعدة عوامل، أبرزها نقص المساحات الخضراء.
وربطت الأبحاث الحديثة بين الهواء الملوث وزيادة حالات الانتحار، وأشارت إلى أن النشأة في أماكن ملوثة تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات العقلية، كما وجد بحث آخر أن تلوث الهواء يتسبب في انخفاض هائل في الذكاء.
وأكد البروفيسور أنطونيو جاسباريني، من كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، أن الدراسة مهمة، وتأخذ في الاعتبار قائمة طويلة من العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الصحة العقلية، مشيرًا إلى أهمية إجراء المزيد من الدراسات قبل تقديم توصيات صحية أو طبية.