غير مصنف

انفجار مفاعل تشيرنوبيل .. ماذا تعرف عنه؟


 

في يوم 26 أبريل من عام 1986، تابع الجميع حول العالم أخبار الكارثة النووية في أوكرانيا ذلك البلد البعيد، منتظرين أن يصل إليهم غبار تشيرنوبل النووي ورغم أن المفاعل خرج من الخدمة بشكل فعلي، بعد الكارثة  بسنوات عديدة .

كيف حدثت كارثة تشيرنوبل؟

كارثة المفاعل الأوكراني تشيرنوبل بدأت عندما توقف نظام المفاعل لمدة 20 ثانية فقط في تجربة عملية لاختبار تأثير انقطاع التيار الكهربائي ، حيث أن الأمر كان مجرد اختبار للمعدات إلا أن خطأ في التشغيل بعد إغلاق توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم المستخدم أدى لارتفاع حرارة اليورانيوم في المفاعل الرابع حتى درجة الاشتعال.

وبعد 7 ثوانٍ فقط، أدى ارتفاع الحرارة إلى إحداث موجة انفجار كيميائية، أطلقت بدورها ما يقرب من 520 نويدة من النويدات المشعة الخطرة إلى الغلاف الجوي الخارجي، فلك أن تتخيل أيها القارئ  أن لثوانٍ عديدة قد أحدثت كارثة عالمية .

حيث تتالت الانفجارات المدوية، وتطايرت معها حمم الغرافيت فى السماء، فخلفت دمارا لم تفلت منه حتى أشد البناءات الخرسانية صلابة، وأدت قوة الانفجارات لنسف المفاعل بشكل كامل، حاملا معه أطنانا من حمم الوقود النووي، واستمر الحريق لمدة 10 أيام.

في محاولات إنقاذ مفاعل تشيرنوبل :

حاول رئيس الفريق المناوب في المفاعل، تدارك الخطر وإغلاق المفاعل، إلا أن الطريقة التي اتبعها جعلت الحرارة تزداد قبل أن تشرع في الانخفاض ، وبما أن المولد كان غير مستقر والدورة الحرارية مشوشة من آثار الاختبار، كان هذا هو العامل الذي أدى إلى رفع الحرارة مجدداً وإشعال الغازات المتسربة ووقوع الكارثة في النهاية.

ماذا حدث بعد انفجار تشيرنوبل؟

بعد الانفجار شهدت أوكرانيا والدول المجاورة سحبا كثيفة بما يوازى 8 أطنان من الوقود النووي، ارتفعت إلى السماء، ناجمة ومدفوعة بألسنة لهب حريق ضخم، ومرفوقة بمواد خطيرة.

قوة الإنفجار أدت إلى انتشار التلوث عبر أجزاء كبيرة من أراضي الاتحاد السوفييتي التي كانت من ضمنها أوكرانيا بيلاروسيا وروسيا. ووفقاً لتقارير رسيمة، لقي 31 شخصاً حتفهم فوراً، وتعرض 600 ألف آخرين من المشاركين في مكافحة الحرائق وعمليات التنظيف، لجرعات عالية من الإشعاع النووي ، كما تعرض ما يقارب الى 8 ملايين و400 ألف شخص في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا للإشعاع النووي، وهو عدد يزيد على إجمالي سكان النمسا.

كذلك تعرضت 155 ألف كيلومتر مربع من الأراضي في التابعة للبلدان الثلاثة للتلوث، وهي مساحة تماثل نصف إجمالي مساحة إيطاليا.




الأضرار لحقت أيضاً بالمناطق الزراعية، إذ تعرض ما يقرب من 52 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر من مساحة دولة الدانمارك للىًلوث بالعنصر المشع سيزيوم 137، وسترونتيوم 90

كذلك أعيد توطين ما يقرب من 404 آلاف شخص، إلا أن الملايين ظلوا يعيشون في بيئة تسبب فيها استمرار بقايا التعرض الإشعاعي إلى ظهور مجموعة من الآثار الضارة.

كيف تعاملت السلطات الروسية مع انفجار تشيرنوبل؟

من ناحيتها أخفت السلطات الروسية أو السوفييتية الأمر في ذلك الوقت ،  حتى اليوم الثالث من انفجار مفاعل تشيرنوبل. قبل أن تضع السلطات السويدية خارطة لمستويات الإشعاع المتزايدة في أوروبا مع اتجاه الرياح.

كما أعلنت حكومة السويد، للعالم أن حادثة نووية وقعت في مكان ما من الاتحاد السوفييتي. وقبل إعلان السويد، كانت السلطات السوفييتية تقوم بعمليات مكافحة للحرائق وعمليات تنظيف، إلا أنها اختارت أن لا تقدم تقريراً عن الحادث أو حجمه بشكل كامل آنذلك.

محاولات ما يمكن إنقاذه من تأثير انفجار مفاعل تشيرنوبل :

خلال السنوات الأربع من حادثة تشيرنوبل، قررت السلطات السوفييتية، التعامل مع الآثار الناجمة عن الانفجار على المستوى الوطني ، وبدون مساعدة سوفييتية، سعت الأمم المتحدة وشركاؤها إلى طرق لتقديم الدعم في حالات الطوارئ، الذي اشتمل على تقييم السلامة النووية والظروف البيئية للمنطقة الملوثة، وتشخيص مختلف الظروف الطبية التي سببتها الحادثة.

ومن جانبها فقد ركزت الأمم المتحدة على زيادة الوعي لدى سكان المنطقة، وتعليمهم كيفية حماية أنفسهم من النويدات الموجود في البيئة والمنتجات الزراعية ، وخلال الفترة الممتدة بين عامي 1986 و1987، شارك ما تقديره 350 ألف منظف أو «مصف» من الجيش وموظفي المحطة النووية والشرطة المحلية ورجال المطافئ في الأنشطة الأولية الرامية إلى احتواء الحطام المشع وإزالته.




كذلك تعرض نحو 240 ألف مصف لأعلى الجرعات الاشعاعية لدى اضطلاعهم بأهمّ أنشطة التخفيف من حدّة الكارثة ضمن المنطقة المحيطة بالمفاعل والممتدة على مسافة 30 كم ، وبعد ذلك ارتفع عدد المصفين المسجّلين إلى 600 ألف، مع أنّه لم يتعرّض لمستويات عالية من الاشعاع إلاّ نسبة قليلة منهم ، وتم في فصلي الربيع والصيف من عام 1986، إجلاء 116 ألف شخص من المنطقة المحيطة بمفاعل تشيرنوبل إلى مناطق غير ملوثة. وتم ترحيل 230 ألفاً آخرين في الأعوام اللاحقة.

تأثير انفجار مفاعل تشيرنوبل ممتد حتى الآن :

الآن يعيش نحو 5 ملايين نسمة، في مناطق من بيلاروس والاتحاد الروسي وأوكرانيا حيث يفوق ترسب السيزيوم المشع 37 كيلوبيكريل/م2

ولا يزال نحو 270 ألف شخص من أولئك الناس يعيشون في مناطق صنّفها الاتحاد السوفييتي كمناطق ذات رقابة مشددة، حيث يتجاوز التىلوّث بالسيزيوم المشع 555 كيلوبيكريل/م2

منطقة منكوبة

ذكرت المنظمة الألمانية أن المنطقة المحيطة بمفاعل تشرنوبل شهدت تصاعدا كبيرا في معدلات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية أكثر من أي أنواع أخرى من السرطان ولا سيما بين من كانوا في سن 18 عاما وقت وقوع الكارثة.

 أشارت إحصائية رسمية لوزارة الصحة الأوكرانية إلى أن 2.3 مليون من سكان البلاد ما زالوا يعانون حتى الآن بأشكال متفاوتة من الكارثة.

كما تسببت حادثة مفاعل تشرنوبل في تلوث 1.4 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في أوكرانيا وروسيا البيضاء بالإشعاعات الملوثة.

توقع العلماء أن تظل المنطقة غير صالحة للسكن لآلاف السنين بسبب تحلل العديد من العناصر المشعة كالسيزيوم 137 الذي له نصف عمر يبلغ 30 سنة، أي أن تحلل نصف كمية السيزيوم سيستغرق 30 عاما، ويتحلل نصف الكمية المتبقية منه خلال 30 عاما أخرى وهكذا.

عقب الكارثة أعلنت السلطات الأوكرانية المنطقة التي تشمل مدينة بريبيات منطقة منكوبة، وأقامت طوقا حولها لمسافة قطرها 30 كيلومترا من مكان المفاعل، وأجلت أكثر من 100 ألف شخص من مساكنهم.

كما شملت الإجراءات التي نفذتها حكومة كييف دفن وتغليف المفاعل المعطوب بالخرسانة المسلحة، لمنع تسرب المزيد من الإشعاعات، غير أن هذا الغلاف تعرض في السنوات الأخيرة لتشققات.




 وما زالت الى اليوم ملابس رجال الإطفاء الذين ساهموا في إخماد الحريق مشعة وخطيرة في سرداب المستشفى.



ومؤخراً أعلنت السلطات الأوكرانية، الخميس 24 فبراير 2022، أن القوات الروسية سيطرت على محطة تشرنوبل النووية، التي شهدت أسوأ كارثة نووية في العالم.

وصرحت المتحدثة باسم الوكالة الحكومية التي تدير المحطة، يفغينيا كوزنتسوفا بأن القوات الروسية اجتاحت المحطة في اليوم الأول من الهجوم الروسي.

وقال ميخايلو بودولياك، أحد مستشاري الرئاسة،بعد معارك شرسة، خسرنا السيطرة على موقع تشرنوبل“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى