غير مصنف

عالمة الأعصاب وسيدة القاعدة ومعتقلة السجون الأمريكية ” عافية صدّيقي” .. تعرف إليها

 


خلال زيارته لمدينة فيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا، الأحد 16 يناير 2022، ربط الرئيس الأميركي جو بايدن بين حادثة احتجاز الرهائن داخل كنيس يهودي في مدينة كوليفيل بولاية تكساس وشخصية مسجونة بأميركا منذ 10 سنوات.

هذه الشخصية التي أشار إليها بايدن لم تكن سوى السجينة عافية صديقي، التي لقبها الإعلام الغربي بسيدة القاعدة،  وهي عالمة باكستانية حكمت عليها محكمة فدرالية في نيويورك عام 2010 بالسجن 86 عاما، لمحاولتها إطلاق النار على جنود أميركيين أثناء احتجازها في أفغانستان، لاسيما وأن العديد من المسؤولين الأميركيين يعتبرونها من أكثر النساء خطورة، ومرتبطة بصلات وثيقة مع تنظيم القاعدة.

 وقد عاد اسم العالمة الباكستانية عافية صديقي، إلى الواجهة ثانية  في الولايات المتحدة، والعالم أجمع، بعد أن هاجم رجل مسلح ادعى أنه شقيقها محمد، كنيساً يهودياً في ولاية تكساس واحتجز رهائن، مطالبا بالإفراج عنها، قبل أن يرديه عناصر الأمن قتيلاً.



من هي عافية صديقي؟

تنحدر عافية صديقي من عائلة مرموقة في باكستان، ولدت عام 1972، وأمضت طفولتها ما بين باكستان وزامبيا، قبل أن تنتقل في سن الـ18 إلى تكساس، حيث كان يعيش شقيقها، لتلتحق بجامعة هيوستن. وبعد ثلاثة فصول دراسية، تركت صديقي الجامعة والتحقت بمعهد ماساشوتس للتكنولوجيا عام 1992.

وفي عام 1995، بعد أن حصلت على شهادة البكالوريوس، تزوجت بطبيب تخدير من مدينة كراتشي يدعى أمجد خان.

واصلت عافية دراستها بعد زواجها بأمجد خان في جامعة برانديز، إلى أن حصلت على شهادة دكتوراه في علم الأعصاب عام 2001.

وكانت عافية معروفة أثناء دراستها بأنهاناشطة إسلامية، قادت حملات عديدة في المدن الأميركية من أجل الحصول على التبرعات لأفغانستان والشيشان والبوسنة. كما مُنحت شهادات فخرية كثيرة لمساهمتهافي الأنشطة المختلفة“.

وبعد ثمانية أشهر من أحداث ١١ سبتمبر ٢٠١١، استجوبت التحقيقات الفدرالية الأميركية صديقي وزوجها، وحققت معهما حول شراء أمجد خان نظارات للرؤية الليلية وكتباً عسكرية ودروعا وغيرها. لكن أمجد خان أكد أثناء التحقيق أنه اشترى تلك المعدات بهدف الصيد.

وفي عام 2002، عادت صديقي إلى كراتشي مسقط رأسها، وبعد أيام تدهورت العلاقة الزوجية بين عافية وزوجها، ووصل الأمر إلى وقوع الطلاق في أغسطس من العام نفسه. وبعد الطلاق ببضعة أيام، رزقت عافية بولد أسمته سلمان. ولدى عافية 3 أبناء (ولدان هما أحمد وسلمان، وبنت تدعى مريم). 




ورغم نفي أسرة عافية خبر زواجها الثاني، فإن الاستخبارات الباكستانية والأميركية تؤكد أن عافيه صديقي تزوجت بعد طلاقها من أمجد خان بشخص آخر عاش في الكويت، ولكنه من مواليد إقليم بلوشستان ويدعى علي عبد العزيز، المعروف بعمار البلوشي، وهو ابن شقيقة خالد الشيخ، الذي تقول الولايات المتحدة الأميركية إنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.

وعمار البلوشي ولد في إقليم بلوشستان عام 1977، ثم انتقل إلى الكويت وعاش هناك، إلا أنه استقر في دبي عام 1998، حيث كان يعمل في شركة للحواسيب.

عاد عمار إلى باكستان بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، واعتقل على يد الشرطة الباكستانية في 2003، ثم سلم إلى المخابرات الأميركية ونقل إلى سجن غوانتنامو، حيث اتهمته السلطات الأميركية بمساعدة تنظيمالقاعدةمالياً.


وفي عام 2002، سافرت صديقي إلى الولايات المتحدة بحثاً عن عمل أكاديمي، لكنها بعد عشرة أيام عادت إلى باكستان بعد أن فشلت في العثور على وظيفة، حسب ما يروي عنها طليقها أمجد خان.

لكن الولايات المتحدة الأميركية تنفي ذلك، وتقول إن صديقي عادت إلى أميركا بسببأنشطتها الجهادية، إذ فتحت صندوق بريد باسم أمجد خان، الذي تعتبره (أحد أعضاء تنظيمالقاعدة)”، والذي اعتقل في باكستان في مارس/آذار 2003، ونقل إلى سجن غوانتنامو.

وفي 30 مارس/ آذار، غادرت عافية منزلها في كراتشي مع أولادها الثلاثة، أحمد ومريم وسلمان، إلى مطار كراتشي لتسافر إلى إسلام أباد لزيارة عمها هناك. لكنها اختفت في الطريق قبل أن تصل إلى المطار، إذ يبدو أن المخابرات الباكستانية اعتقلتها لصالح المخابرات الأميركية، التي نقلتها إلى قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، كما ادعت أسرة عافية ومحاموها




وحسب عصمت، أم عافية، فإن الأسرة بحثت عن عافية وأولادها المفقودين، غير أن المخابرات الباكستانية هددتها في حال استمرت في البحث وحذرتها من نتائج وخيمة. ورغم ذلك، ظلت عصمت تبحث عن ابنتها بين حين وآخر.

وفي حين كانت الأسرة تبحث عن عافية، أدرج مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركية اسمها ضمن قائمة المطلوبين في 2004، باعتبارهاشخصية خطيرةتعمل مع تنظمالقاعدةضد المصالح الأميركية.

اختفت صديقي خمس سنوات تقريباً. وكانت أسرتها تعتقد أنها محتجزة لدى القوات الأميركية في أفغانستان، بينما تقول الولايات المتحدة إنها اختفت عن الأنظار لأنها كانت ضمن قائمة المطلوبين، مدعية أنها كانت تعمل خلال فترة اختفائها (خمس سنوات) لصالح الجماعات المسلحة، إلى حين سفرها إلى أفغانستان واعتقالها هناك عام 2008.

وعلى الرغم من النفي الأميركي المتكرر، فإن أسرة عافية كانت تعتقد أن ابنتها محتجزة لدى الولايات المتحدة، وهو ما أثبته فيما بعد تحقيق أجرته صحافية بريطانية تدعىإيفون رادليحول سجينة في باغرام تعرف بـالسجينة رقم 650″، التي كتب عنها أحد سجناء باغرام الأفغاني، ويدعى معظم بيك، كتاباً أسماه بـالمقاتل العدو“. 

وبعد البحث والتحقيق، توصلت الصحافية إلى أنالسجينة رقم 650″ في باغرام هي دكتورة باكستانية تدعى عافية صديقي، وحينئذ، بدأ الإعلام يهتم بالقضية

ورغم ذلك، واصلت الولايات المتحدة الأميركية نفي احتجاز عافية. وأكد مسؤولون أميركيون بشكل قاطع أن عافية لم تكن في أي وقت من الأوقات في سجن أميركي قبل 2008. وهو ما تؤكده الاستخبارات الأفغانية، التي ترى أن عافية صديقي كانت في باكستان خلال فترة اختفائها، حيث كانت تسكن في مدينة كويته، وتعمل مع جماعات مسلحة، قبل أن تسافر من مدينة كويته الباكستانية إلى مدينة غزنة الأفغانية في 2008. 

والرواية ذاتها يؤكدها أمجد خان، ويشير إلى أنه رأى عافية صديقي مرتين خلال فترة اختفائها في باكستان.




في الـ17 من شهر يوليو/تموز 2008، أعلنت الشرطة الأفغانية أنها اعتقلت امرأة تحمل جنسية باكستانية ومعها ولد عمره 11 عاماً، كانا يعدان لتنفيذ عملية انتحارية على مقر حاكم الإقليم، وكانت بحوزتهما خرائط ووثائق مهمة عن كيفية استخدام المواد الكيميائية والمتفجرات وصنع القبائل. وفي اليوم التالي، وصل ضابطان أميركيان إلى إقليم غزنة لإجراء التحقيق معهما.

وبحسب الرواية الأميركية، فإن عافية صديقي قفزت من وراء ستار في زنزانة، قبل بدء التحقيق معها، على الضباط، وانتزعت سلاح أحدهم، ثم أطلقت النيران، لكنها أخطأت الهدف. بينما رد ضابط أميركي بإطلاق النار على عافية، فأصيبت في صدرها ودخلت في غيبوبة.

وبعد إصابتها، نقلت إلى قاعدة باغرام الجوية، التي تقع شمال العاصمة الأفغانية كابول، وعولجت هناك مدة أسبوعين، قبل أن يتم نقلها إلى الولايات المتحدة لإجراء مزيد من التحقيقات معها.

وفي بداية شهر أغسطس/آب عام 2008، شرعت السلطات الأميركية في محاكمة عافية صديقي، واستمرت محاكمتها في أوقات متقطعة إلى حين إدانتها في سبتمبر/ أيلول عام 2010 بجميع التهم الموجهة إليها، والتي منها الشروع في القتل والاعتداء المسلح على ضابط أميركي، والتخطيط لاستهداف أماكن حساسة في الولايات المتحدة الأميركية

وعلى الرغم من نفي فريق الدفاع عن عافية التهم الموجهة إليها، فإن المحكمة الأميركية حكمت عليها بالسجن 86 عاماً. ومنذ ذلك الحين، تمضي عافية صديقي عقوبتها في سجن أميركي.

أما أولادها الثلاثة، فيعيش اثنان منهم، هما أحمد (الذي عاد إلى بيته في سبتمبر/ أيلول 2008) ومريم (التي عادت إلى بيتها في إبريل/ نيسان 2010)، مع فوزية صديقي، أخت عافية. أما سلمان الصغير، الذي كان عمره فقط ستة أشهر عند اعتقال عافية في كراتشي، فيعتقد أنه توفي أثناء احتجاز أمه

ولا يزال من غير الواضح أين احتجز الأطفال عندماخطفوامن مدينة كراتشي مع أمهم عافية صديقي.

 وفي عام 2016 ،  تجمع مؤيدون لصديقي أمام المحكمة الفيدرالية وسط مدينة فورت وورث للمطالبة بإثبات أنها لا تزال على قيد الحياة وأنه سيتم إطلاق سراحها وإعادتها إلى باكستان.

في حين أصدر مجلس الشيوخ الباكستاني، بالإجماع سنة 2018، قرارا لمناقشة مسألة الإفراج عنها من قبل الولايات المتحدة.

إلا أن السلطات الأميركية رفضت إعادتها مرارا، كما رفضت مقايضتها برهائن أميركيين عدة مرات، بما في ذلك الصحفي جيمس فولي قبل إعدامه من قبل داعش في سوريا، مؤكدة خطورتها!.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى