المبنى الذي شُيّد من حقد الأخوان في بيروت
منذ أن خلقت البشرية والبشر يتجادلون فيما بينهم ، و أول مثال هو جدال الأخوين هابيل وقابيل والذى انتهى بنزف الدماء وبداية هتك الدماء.
وقصتهم التي ذكرت في القرآن تقول أن كلاًّ من قابيل وهابيل قدَ قدما قرابين إلى الله سبحانه، فتقبل الله قربان هابيل؛ لصدقه وإخلاصه، ولم يتقبل قربان قابيل؛ لسوء نيته، وعدم تقواه، فقال قابيل –على سبيل الحسد– لأخيه هابيل: {لأقتلنك}، بسبب قبول قربانك، ورفض قبول قرباني، فكان رد هابيل على أخيه: {إنما يتقبل الله من المتقين}، فكان ردُّ هابيل لأخيه قابيل ردًّا فيه نصح وإرشاد؛ حيث بيَّن له الوسيلة التي تجعل صدقته مقبولة عند الله.
ثم انتقل هابيل إلى أسلوب آخر في وعظ أخيه وإرشاده؛ إذ أخذ يحذره من سوء المصير إن هو أقبل على تنفيذ فعلته {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين}. بيد أن قابيل لم يرعوِ لنصائح أخيه، وضرب بها عُرْض الحائط، ثم انساق مع هوى نفسه، وزينت له نفسه الإقدام على قتله، فارتكب جريمته، وقتل أخاه.
على أن قابيل القاتل لم يكتف بفعل تلك الجريمة، بل ترك أخاه ملقى في العراء
معرضاً للهوام والوحوش.
فهل يمكن لأحد أن يتصور ما يمكن أن يفعله الحقد بالنفس البشرية؟
ولكن بما أن الأمر وصل للقتل ونزف الأرواح ، فليس بغريب قصة الأخوين اللبنانيين والذي وصل حقد أحدهم الى تشييد مبنى كامل لحرمان أخاه الذي له الضغينة من إطلالة جميلة على البحر؟
أليكم تفاصيل المبنى الذي يقع في بيروت اللبنانية :
بُني المبنى بتفاصيل وهيكلة غريبة ، حيث أن المبنى يأخذ الشكل الرفيع على قطعة أرض تبلغ مساحتها 120 متراً مربعاً في منطقة (المنارة) في بيروت، والهدف من بنيانه هو لكي يحجب صاحب المبنى رؤية المحيط عن صاحب مبنى آخر.
ووفقاً لما يشاع، فإن هذين الشخصين إخوة، وأثناء تقسيم تركتهما التي ورثاها، حصل كل منهما كل قطعة أرض، ولكنهما لم يتوصلا لقسمة ترضي الطرفين، حيث حصل أحدهما على قطعة أرض صغيرة جداً، وكان يشعر بالمرارة نتيجة حصوله على النصيب الأقل.
وتقول رواية أخرى بأن المخطط التنظيمي الذي عمدت على تنفيذه الدولة اللبنانية من شق للطرقات الحديثة والتي كانت من ضمنه قطعة أرض الأخ ”الحقود“، قد تقلصت مساحتها بسبب التخطيط لدرجة أصبح من غير الممكن إنشاء أي شيء مفيد عليها ، ونتيجة عدم قدرته على استغلالها في أي استثمار، عمد هذا الرجل الذي شعر بغيرة كبيرة تجاه أخيه إلى إنشاء بناء رفيع وضيق فوقها يبدو وكأنه جدار، فقط ليحجب منظر البحر عن قطعة أرض أخيه، آملاً أن يؤدي ذلك إلى انخفاض سعرها وتدهور قيمتها التجارية والاستثمارية.
تفاصيل المبنى الغريبة :
وفقا لسكان الحي، بُني هذا المبنى سنة 1954، ويتراوح عرضه من أربعة أمتار في أوسع نقطة منه إلى 60 سنتيمتراً في أضيق نقطة، أي أنّ عرض أوسع غرفة 4 أمتار وأضيق غرفة 60 سنتيمتراً، يُقسم كل طابق إلى شقتين منفصلتين، كل شقة هي عبارة عن سلسلة من الغرف المتصلة مع بعضها، والتي يمكنك الدخول إليها من خلال رواق مشترك، في الشقة الأولى تتباين الغرف في حجمها ومساحتها كلما ابتعدت عن أكبرها، إلى أن تصل إلى مساحة ضيقة جداً يتم توظيفها كخزانة ملابس.
فيما تقع الشقة الثانية على الجانب العريض من الأرض، وبالتالي كل شقة منها هي شقة واسعة نسبياً، ولكل غرفة منها نافذتان، تطل الأولى على أرض الشقيق الثاني –والتي تشغلها الآن مدرسة ألمانية– أما النافذة الثانية فهي ذات إطلالة خلابة على البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من كون هذا المبنى عديم المنفعة عملياً، فإن مالكيه الحاليين ليس لديهم أي نية في هدمه وإزالته، وذلك لعدم إمكانية القيام بأي مشروع آخر فوق تلك الأرض الصغيرة، كما أن قوانين المدينة الحالية لا تساعد أيضاً على القيام بهذا الأمر بسبب التشريعات التي تفيد بوجوب ترك وجائب ويقصد بالجوائب هو –مساحة بُعد عن ممتلكات الدولة أو عوام الشعب– عن الشارع وعن الأبنية المحيطة، ولذلك فإن ترك المبنى على حاله وتأجيره سوف يعود على مُلّاكه بالنفع أكثر من عملية إزالته.
وخلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية، استعملت إحدى الشقق كبيت للدعارة، وكانت الشقة الأخرى ملجأ لإحدى الأسر التي كانت تبحث عن الأمن والأمان من نيران تلك الحرب، وفي عام 2014 تم تأجير الطابق الأرضي لميكانيكي افتتح فيه محل صيانة السيارات.