هل تنتقل المشاعر السلبية بالعدوى؟.. تعرف على الإجابة
كشفت دراسة علمية حديثة أن المشاعر السلبية بإمكانها أن تنتقل بالعدوى.
وأوضح باحثون، في الدراسة التي نشر تفاصيلها موقع «الشرق الأوسط» الإخباري، نقلاً عن موقع «لايف ساينس» العلمي، أن الإجهاد يمكن أن يكون معدياً.
وبيَّنوا أن مجرد رؤية شخص آخر في موقف عصيب يمكن أن يجعل أجسامنا تطلق الكورتيزول؛ وهو هرمون يشارك في الاستجابة للضغط.
واقترحوا أن هذه الظاهرة، التي يطلق عليها اسم «الإجهاد التعاطفي»، تميل إلى أن تكون أكثر انتشاراً عند رؤية شخص محبوب أو صديق مقرب في محنة، ولكنها يمكن أن تحدث أيضاً عند رؤية شخص غريب يعاني.
وقالت تارا بيرو، أستاذة علم النفس وعلم الأعصاب بجامعة دالهوزي بكندا: «من الممكن إدراك مشاعر شخص آخر، خاصة المشاعر السلبية».
وأضافت: «كان من الممكن اختيار هذا في ماضينا التطوري، لأنه سيوفر طريقة غير لفظية للتعبير عن الخطر والخوف».
من جانبه، أكد أستاذ علم الأعصاب بجامعة كامبريدج، جو هربرت، أنه «إذا أصيب شخص بالذعر، فهو في حالة إجهاد».
وقال إن نقل المشاعر فعل لا واعٍ، موضحاً «أنها ليست تجربة إنسانية فقط، إذ يمكن للحيوانات الأخرى أن تدرك مشاعر أفراد من جنسها».
وذكر أن الفئران، التي تلاحظ جرذا آخر يمر بتجربة مرهقة، تُظهر زيادات في مستويات هرمون التوتر حتى بدون خبرة مباشرة.
وفي محاولة أخرى للعلماء لمعرفة مدى إمكانية تعرض الناس إلى “التوتر السلبي” بمجرد مجاورتهم لغرباء واقعين تحت تأثيره بالفعل، طلبوا من مجموعة من عينة مشاركين التطوع لإلقاء خطبة ما على الملأ، في حين طلبوا من مجموعة أخرى الاكتفاء بالإنصات للخطباء، ثم قام الباحثون بقياس نسبة “الكورتيزول” ومستويات أنزيم اللعاب المرتبط بمشاعر التوتر، لكلا الفريقين، الخطباء والمستمعين.
وأظهرت النتائج أن مقياس مستوى التوتر والإجهاد النفسي لمجموعة الأفراد الذين اقتصر دورهم على الاستماع للآخرين، كان في وضع متقارب مع مستوى التوتر لدى المجموعة الثانية التي خضعت لتوتر وإجهاد فعليين بموجب استجابتها لطلب فريق الباحثين ومواجهة الجمهور بخطب ارتجالية، كما أكدت نتائج الدراسة أن نوع الجنس لم يكن له تأثير يذكر في مستوى التوتر الذي تم قياسه في كلا الفريقين.
وفي السياق ذاته، ذكر المشرفون على التجربة بأن عوامل محددة يمكنها أن تزيد فرص انتقال عدوى التوتر والضغط النفسي إلى الآخرين وأهمها؛ نبرة صوت الآخر وتعبيرات وجهه، إضافة إلى وضعية جسده وربما رائحته.
ويرى الدكتور توني بوكانان، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس في جامعة سينت لويس، أن بعض الناس يمكنهم (التقاط) مشاعر التوتر والإجهاد النفسي بصورة مباشرة، بمجرد الجلوس ومشاهدة أشخاص آخرين يتعرضون لمواقف حقيقية تستدعي مثل هذه المشاعر الانفعالية النفسية العنيفة، مشيراً إلى أن هذه النتائج كانت بمثابة المفاجأة لفريق البحث.
في المقابل، يتطوع بعض الأشخاص للعب دور المهدئ والمطمئن لانفعالات الآخرين كما يعربون عن استعدادهم الدائم للمساعدة، حيث يخضعهم غضب الآخرين إلى الاستسلام للمواقف الانفعالية والتراجع عن القيام بأي رد فعل، لتجنب الوقوع تحت تأثير هذه الانفعالات والمشاعر السلبية التي يتم (التقاطها) من الآخرين كالعدوى. يرى الدكتور رولاند ريجييو، أستاذ علم النفس التنظيمي والعلاقات في كلية كلاريمونت ماكينا، أن أسبابا نفسية عدة قد توجه بعض الأفراد للقيام بهذه الأدوار، منها عدم تقبلهم للمشاعر السلبية التي يرّوجها الآخرون كالغضب والحزن الشديد غير المبرر ورغبتهم في مساعدة الآخرين على تخطيها، كذلك تعمل هذه المحفزات على إحداث (عدوى عاطفية)، حيث يميل البعض إلى مشاركة الآخرين مشاعرهم السلبية بدعوى التعاطف، وهم بذلك يسمحون لهذه المشاعر – تدريجياً- بتملكهم، فيصبحون هم أيضا أسرى لها وبالتالي، يصبحون تواقين إلى التخلص منها وتخطيها بأسرع وأسهل الطرق. ولهذا، فنحن في الغالب مدفوعون بالرغبة في استرضاء الآخرين وترويض نوبات غضبهم وحزنهم وببساطة أكثر، نحن مدفوعون لاشعوريا بالرغبة في التخلص من المشاعر السلبية بأي ثمن، حتى إذا كان هذا الثمن زيادة التوتر الانفعالي والإجهاد ونموو مشاعر سلبية ذاتية أكثر حدة من تلك التي التقطناها من خلال تجارب الآخرين.