
حوار – محمود الجهوري
التبرع بالأعضاء هي مسألة مثيرة للاهتمام حيث تعرضت له العديد من وجهات النظر والآراء العلمية المتعددة، ويُعتبر من بين القضايا الطبية المهمة التي لفتت انتباه العالم، حيث يُنظر إليه بتعقيد يعتبره البعض مشكلاً، ويُؤكد البعض على ضرورة وضع قواعد وقوانين أخلاقية واضحة لهذا المجال لتجنب تحوله إلى نوع من التجارة غير المشروعة، وفي هذا الصدد نستضيف في حوارانا اليوم منال بنت عبدالله الخنبشية، ممرض منسق زراعة الأعضاء بعيادة التبرع بالكلى بالمستشفى السلطاني، وسنتناول في هذا الحوار عن التقنية الطبية، وتحديدًا سنسلط الضوء على زراعة الكلى في المستشفى السلطاني، ودور التكنولوجيا في تطوير هذا المجال الحيوي، وسنناقش أيضًا الرعاية الصحية والتمويل المتعلق بعمليات زراعة الكلى، بالإضافة إلى جهود التوعية والدعم الاجتماعي المبذولة لمرضى القصور الكلوي.
الطب والتقنية الطبية..
س/ في البداية أعطينا صورة عامة عن زراعة الكلى في المستشفى السلطاني؟
زراعة الكلى عبارة عن عملية نقل الكلية من المتبرع إلى المريض المصاب بالقصور الكلوي أو فيما يتعارف عليه بالفشل الكلوي من خلال عملية جراحية يقوم بها فريق متكامل من الجراحين وأطباء التخدير والممرضين.. أما فيما يتعلق بشروط التبرع بالكلى فتشمل عدة شروط وهي ألا يقل عمر المتبرع عن ١٨ سنة، وأن يكون المتبرع بصحة جيدة وأن يخلو المتبرع من أي أمراض مزمنة على سبيل المثال لا الحصر الضغط والسكري، ألا يكون إقدام المتبرع للتبرع بسبب دعم مادي أو تهديد، أن يكون المتبرع بكافة قواه العقلية والأهلية لاتخاذ قرار التبرع، أن يكون المتبرع ذا صلة قرابة بالمريض حتى الدرجة الرابعة، وأن تتطابق فصائل الدم بين المتبرع والمستقبل.
وبدأت عمليات الزراعة في المستشفى السلطاني منذ عام ١٩٨٨ بأعداد متفاوتة وحالات زراعة ناجحة قلصت معاناة المرضى ولله الحمد وفي العام الماضي ٢٠٢٣ تمت عمليات الزراعة ل ١١ حالة ونأمل بعون الله أن يكون العدد ٣ أضعاف هذا العدد في هذا العام لما يشهده البرنامج من زيادة في الكفاءات والاهتمام من قبل الجهات المعنية وجهود لطاقم البرنامج..
س/ ما هي التقنيات الحديثة المستخدمة في عمليات زراعة الكلى وما هي التحديات التي تواجهها؟
مما لا شك فيه أن أي تقدم تقني يؤثر في مجال الصحة على مختلف الجوانب، وعلى سبيل المثال فإن عمليات زراعة الكلى كانت جراحية بحتة فيما سبق للمتبرع والمستقبل أما في الآونة الخيرة فقد أثر التقدم التقني على عمليات الزراعة حيث أصبحت عملية استئصال الكلية من المتبرع عن طريق المنظار بدلا من الجراحات المفتوحة مما يحسن من جودة العملية وتقليل الآثار الجراحية على المتبرع..
وكذلك أثرت التقنية على إمكانية إبقاء الكلية بعد استئصالها من المريض المتوفي دماغيا ونقلها تحت ظروف وخصائص معينة من مؤسسة لأخرى.
س/ كيف تساهم الابتكارات في مجال الطب والتكنولوجيا الطبية في تحسين نتائج زراعة الكلى وزيادة نسب نجاحها؟
زراعة الكلى كأي مجال طبي آخر يتأثر بالدراسات والتجارب والتطورات، ومن الممكن في هذا الجانب أن نستشهد بفحوصات التطابق المخبرية المعروفة بكتابة الأنسجة (HLA) التي تعد ركيزة أساسية وإجراء لابد منه للقيام بعملية الزراعة وفحوصات التطابق هذه تحتاج لمختبرات متخصصة وطاقم ذو كفاءة وهذا ما يعمل البرنامج عليه في الفترة الراهنة فبدلا من الاستعانة بالمختبرات في الدول المجاورة ان شاء الله في الفترة القادم سيكون لنا مختبرنا الخاص والعمل على ذلك جاري ولله الحمد.
س/ ما هي أبرز التطورات الحديثة في مجال زراعة الكلى وكيف تؤثر على مستقبل هذه العمليات الجراحية؟
التطورات الحديثة مؤخرا شملت الأدوية المثبطة للمناعة من ناحية صناعة أدوية أفضل، وتحديث تقنية كتابة الأنسجة بما يعرف بفحص التطابق (HLA) مما يعزز نجاح عمليات الزراعة واستمرارية عمل الكلى المزروعة لفترات أطول بإذن الله.
س/ ما هو دور الذكاء الاصطناعي وتقنيات التشخيص المتقدمة في تحسين عمليات زراعة الكلى؟
كمثال على دور الذكاء الاصطناعي في تحسين زراعة الكلى فإن بعض الدراسات الحديثة تثبت فعالية الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالفشل الكلوي الناجم عن داء الكلى متعدد التكيسات، مما يهيئ المريض والطاقم الطبي لمعرفة الوقت المحتمل للفشل والاستعداد للبدء بإجراءات الزراعة قبل تفاقم الحالة الصحية للمريض.
الرعاية الصحية والتمويل..
س/ ما هو دور التأمين الصحي في توفير الدعم المالي للمرضى الذين يحتاجون إلى زراعة كلية؟
زراعة الكلى لا شك انها مكلفة ماديا بما تستدعيه من تجهيزات وإجراءات والعمليات الجراحية والأدوية الموفرة للمريض فيما بعد الزراعة، ولكن ولله الحمد على هذه الأرض المباركة وبفضل توفر العلاج المجاني الذي توفره حكومتنا، فإن المواطن العماني غير مطالب بدفع أي مبالغ مالية للمستشفى لإتمام عملية الزراعة.
س/ هل هناك تحديات في توفير الرعاية الصحية للمرضى الذين يحتاجون إلى زراعة كلية، وما هي الحلول المقترحة لتلك التحديات؟
التحديات الحالية هي كون الزراعة تتم في المستشفى السلطاني الذي يعد مرجع لكافة الحالات والأمراض المستعصية المختلفة من كافة محافظات السلطنة مما يتسبب أحيانا في تأخر المواعيد لبعض الأشعات والتدخلات المطلوبة، ولكن لا نجحف الطاقم الطبي حقه فهناك تكاتف من كافة الطواقم الطبية في وضع الأولوية لحالات الزراعة، والاهتمام الواضح من كافة الجهات الحكومية المعنية والعمل لتوفير الاجنحة الخاصة بالزراعة والعمل في ذلك قد بدأ الحمدالله.
س/ ما هي الجهود التي يمكن اتخاذها من قبل الحكومة والمجتمع المدني لتوفير الدعم المالي والرعاية الصحية لمرضى زراعة الكلى؟
الحكومة قائمة بجهودها ولله الحمد وذلك من خلال البدء في تجهيز جناح خاص بالزراعة والرابطة العمانية لزراعة الأعضاء قد أطلقت خلال أمسية العطاء أسهم وقف رابطة الزراعة، ومستقبلا بإذن الله نأمل في إنشاء مركز متكامل لزراعة الأعضاء.
الخدمة الاجتماعية والتوعية..
س/ ما هي الجهود الذي يبذلها المستشفى السلطاني في توعية المجتمع حول أهمية التبرع بالأعضاء وزراعة الكلى؟
يشارك المستشفى السلطاني في الفعاليات التي تقام في المؤسسات المختلفة داخل إطار المستشفى وخارجه عن طريق المعارض المصحوبة لهذه الفعاليات والتعريف ببرنامج زراعة الأعضاء والكلى بكافة جوانبه ومثال على ذلك المشاركة في الفعالية المقامة بالمستشفى احتفالا باليوم العالمي للكلى الذي أقيم بتاريخ ١٢/ مارس من هذا العام، والمشاركة في أمسية العطاء التي أقامتها الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء.
س/ كيف يمكن للمجتمع المحلي المساهمة في دعم المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة الكلى وتوفير الدعم الاجتماعي لهم؟
المجتمع المحلي يمكنه المساهمة في دعم المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة الكلى وتوفير الدعم الاجتماعي لهم من خلال زيادة الوعي بأهمية الزراعة كوسيلة لعلاج مرضى القصور الكلوي. عن طريق توعية الناس حول عملية التبرع بالأعضاء وأهميتها في إنقاذ حياة الأشخاص المحتاجين، يمكن للمجتمع توفير الدعم النفسي للمتبرعين والمتلقين، وهذا يعتبر جزءًا أساسيًا من الدعم الاجتماعي الذي يحتاجه المرضى خلال عملية الزراعة وبعدها.
س/ ما هي الخطوات التي يمكن للأفراد اتخاذها لتعزيز التوعية حول التبرع بالأعضاء وزراعة الكلى ودعم المرضى في المجتمع؟
يمكن للأفراد المساهمة في تعزيز التوعية من خلال مشاركة المعلومات والموارد عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال نشر القصص الشخصية والمعلومات الطبية الموثقة حول التبرع بالأعضاء وزراعة الكلى، يمكن توجيه الاهتمام نحو هذه القضية الهامة.
س/ هل هناك برامج خاصة بالتوعية والتثقيف حول أمراض الكلى والأعضاء وكيفية الوقاية منها؟
المشاركات الفاعلة في الفعاليات التي تقام في مؤسسات مختلفة في المجتمع ووجود تطبيق يمكن الجميع من الدخول عليه والتعرف على برنامج الزراعة بكافة جوانبه دون الحاجة للحضور للمؤسسة المعنية بالزراعة.
س/ كيف يمكن للمنظمات الخيرية المساهمة في دعم مرضى زراعة الكلى وتقديم الخدمات اللازمة لهم؟
بدأ دور المجتمع يظهر ولله الحمد ومثال على ذلك توقيع اتفاقية ما بين جمعية دار العطاء والرابطة العمانية لزراعة الأعضاء، مما سيسهم في دعم واضح للرابطة بسبب قرب هذه الجمعيات من المجتمع.