مواقف إنسانية من القاضي الأمريكي الرحيم
انتشرت مقاطع كثيرة للقاضي فرانك كابريو (82 سنة) والذي لقب بالقاضي الرحيم في مواقع التواصل الاجتماعي، وكما تم تداول مقاطعاً متنوعة من المحاكمات التي عمل بها القاضي أغلبها لمهاجرين ومسلمين، تميزت جميعها بأحكام متسامحة وبروح النكتة الحاضرة في الجلسات على عكس المعمول به في قاعات المحاكم، وقد لُقِّب “بالقاضي الرحيم” نظرًا لمواقفه النبيلة.
وفي 2019، رافقت طفلة سورية تدعى ماسة (8 سنوات) والدتها إلى المحكمة لتكون وسيطا لغويا بينها وبين القاضي، فجعلها كابريو تتولى الحكم على والدتها بغرامة تقدر بـ50 دولارا بسبب قيادتها بسرعة بجوار مدرسة، ثم أعفى الوالدة من المخالفة.
وفي أغسطس من السنة نفسها، برأ القاضي الرحيم رجلًا مسنًّا (96 عامًا) من دفع غرامة السرعة الزائدة لأنه كان يوصل ابنه البالغ (63 عامًا) إلى المستشفى.
وفي مواجهة التسعيني –الذي أوضح أنه أخذ ابنه المصاب بالسرطان لإجراء فحص دموي– أظهر قاضي رود آيلاند حالة إنسانية عظيمة كما هو معتاد بالنسبة له مما أثار تعاطف المشاهدين.
وقال المسن الذي غرم بسبب السرعة أمام إحدى المدارس “أنا لا أقود بسرعة كبيرة أيها القاضي، عمري 96 سنة وأنا أقود ببطء وأخذت ابني لإجراء فحص الدم، إنه معاق وأنا أنقله مرة كل أسبوعين للفحص، إنه مصاب بالسرطان“.
وعند معرفته بأن الابن في سن 63، ابتسم القاضي قائلا للأب الذي يواجه صعوبة في إخفاء مشاعره “اعتن به دائما، أنت رجل صالح، أنت رجل طيب، أنت تجسد قيم أميركا، لقد تجاوزت التسعين من العمر وما زلت تعتني بأسرتك“.
وتحظى مقاطع القاضي بملايين الإعجابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت جلساته الانتشار منذ عام 2017، بعد حكمه لصالح مهاجر لا يتحدث الإنجليزية ولقدامى المحاربين بالحرب الكورية، والآباء الذين يواجهون صعوبات مالية كبيرة.
وأحدى مواقفه الإنسانية ، هو الحكم الَّذي أصدره عَلى صبيٍّ بـ 15 عامًا من عمره الَّذي تمَّ القبض عليه متلبِّسًا بالسَّرقة من دكَّان في أمريكا، والذي حطم احد الرفوف خلال محاولته الهرب سأل القاضي الصَّبيَّ بعد أن سمع تفاصيل الحادثة
”أحقًّا سرقت شيئًا؟ سرقتَ خبزًا وجبنة وحطَّمت أحد الرُّفوف؟”
أجاب الصَّبيُّ في خجل وهو مطأطئ الرَّأس
نعم
القاضي: “لِـماذا سرقتَ؟”
الصَّبيّ: “مطلوب” “أحتاج”
القاضي: ألم تستطع شراءها بدل سرقتها؟
الصَّبيّ: لـم أكن أملك مالًا.
القاضي: كان باستطاعتك طلب الـمال من والديك.
الصَّبيّ: لديَّ فقط أمِّي الـمريضة الَّتي ترقد في الفراش وليس لديها عمل.. من أجلها سرقت الخبز والجبنة
القاضي: وأنت.. أَلا تعمل شيئًا؟ ألا يوجد لديك عمل؟
الصَّبيّ: اشتغلت في غسيل السَّيَّارات. أخذت إجازة ليوم واحد لكي أساعد أمِّي، وَلِهٰذا السَّبب فصلوني من العمل.
بعد انتهاء الـمحادثة مع الفتى، أعلن القاضي الحكم
”السَّرقة، خاصَّة سرقة الخبز، هٰذِهِ جريمة مخجلة جِدًّا
وجميعنا هنا مسؤولون عن جريمة السرقة هٰذِهِ. اليوم، جميع الحضور في هٰذِهِ القاعة، بمن فيهم أنا، مسؤولون عن جريمة السرقة هٰذِهِ
وَهٰكَذا، فإنَّ جميع الحضور، سيغرَّمُ كلُّ شخص بعشرة دولارات، ولن يخرج أيُّ شخص من القاعة قبل أن يدفع 10 دولارات”
أخرج القاضي من جيبه ورقة من فئة 10 دولارات، وأخذ قلمًا وبدأ بالكتابة:
”واضاف، حكمت بغرامة 1000 دولار، عَلى صاحب الدُّكَّان الَّذي سلَّم الصَّبيَّ الَّذي يعاني الجوع، إِلى الشُّرطة، وإذا لـم تدفع الغرامة في السَّاعة الواحدة، سيظلُّ الدُّكَّان مغلقًا”.
”و أضاف القاضي فى حكمه : “إذا تمَّ القبض على شخص ما يسرق الخبز، فيجب أن يخجل جميع السُّكَّان، والـمجتمع في هٰذِهِ الدَّولة
اعتذر جميع الحضور الى الصبى وسلموه المبلغ
واعينهم تفيض من الدمع.
وخرج القاضى من القاعة وقد اغرورقت عيناه من الدموع.؛
بعد ان ضرب اروع قواعد الرحمة والانسانية على مر العصور.
من هو هذا القاضي؟
عاش كابريو حياة فقيرة وعمل في التدريس وغسل الصحون حتى يتمكن من دراسة القانون، وعن سبب طريقة أداء عمله قال في تصريحات إعلامية سابقة إنه “إذا شكّ في وجود ظروف قاهرة لدى المتهم أو أن حياته مهددة فإنه يقبل صحة تفسيره”، مشددًا على أنه لا يمكن أن يمثل سيادة القانون ويحكم على شخص بما لا يستحق.
وكابريو هو سياسي أيضًا، ويشغل حاليًّا منصب رئيس قضاة بلدية بروفيدنس، وكان رئيسًا لمجلس محافظي رود آيلاند للتعليم العالي.
وتُبثّ جلسات القاضي عبر برنامج تلفزيوني على القناة المحلية للمدينة، بعد أن حصدت مقاطعه عبر الإنترنت أكثر من 15 مليون مشاهدة، واقتربت في عام 2022 من 500 مليون.
حصل فرانك كابريو على الدكتوراه الفخرية في القانون من كلية الحقوق بجامعة سوفولك في عام 1991 وكلية بروفيدنس في عام 2008، كما حصل على دكتوراه فخرية في الخدمة العامة من جامعة رود آيلاند في عام 2016. بحلول أغسطس 2018؛ حصلَ كابريو على جائزة دائرة المنتجين في مهرجان رود آيلاند السينمائي الدولي.