المجرم الذي ظل هارباً ٤٠ عام
اجتاحت موجة رعب كبيرة في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عقب إنتشار سلسلة من الجرائم ، بلغت حوالي ٢٠ جريمة اغتصاب و ١٠ جرائم قتل وأكثر من ١٢٠ جريمة سرقة كلها تحمل نفس المواصفات والنمط.
مجرم رواية اليوم هو جوزيف جيمس الذي ولد عام ١٩٤٥ بولاية نيويورك ، وقد قضى أغلب سنوات مراهقته في أرياف مدينة ساكرامنتو في كاليفورنيا ، وقد عانى أزمة انفصال والديه وهو في سن صغيرة وانتقل للعيش مع والدته التي بدورها تزوجت من رجل آخر .
عمل جوزيف في القوات البحرية أثناء فترة حرب الفيتنام لمدة ٢٢ شهر ، وتخرج من جامعة كاليفورنيا في ساكرامنتو عام ١٩٧١ بدرجة البكالريوس في علم العدالة الجنائية ، والتحق للعمل بها كشرطي في نفس المنطقة .
تدور روايات أقارب جوزيف عن مدى المعاناة التي شهدها وهو طفل ، وعن مشاهد الألم التي شاهدها منها عندما شهد لحظة أغتصاب أخته ذاك السبع سنوات من قبل رجلين في ألمانيا الغربية حيث كانت العائلة تعيش هناك آنذاك .
هذا المشهد هو أحد الأسباب التي ساهمت في تكوين شخصيته العدوانية فيما بعد .
برع جوزيف في عمله كشرطي في قسم وحدة السطو في مدينة أكستير الكاليفورنية ، مما ساعد على ترقيته في عام ١٩٧٦ ليكون رئيس القسم الخاص بالسطو في المدينة التي يبلغ عدد سكانها ٥٠٠٠ شخص.
تجدر الأشارة أن عمليات السطو في المدينة بدأت قبل ترقيته أي في عام ١٩٧٤ .
حيث بدأت عمليات السرقة بشكل مريب واللص الغامض كان يقتحم المنازل ويخربها ويسرق أشياء ليست ثمينة عكس ما يُعرف عن لصوص المنازل الذين يستهدفون أثمن المقتنيات، و جرائم اللص الغامض كانت تحدث في أحياء قريبة من إحدى الكليات واستمرت عمليات سطو لأكثر من ١٨ شهر ومحاولات الشرطة اليائسة للقبض عليه .
وفي يوم ١١ سبتمبر ١٩٧٥ ، تم اقتحام منزل استاذ جامعي يدعى (Claude)
كان (Claude) نائما حين سمع صوت غريب في منزله الساعة الثانية فجرا ً تفاجأ بوجود رجل مقنع يحاول خطف ابنته – ١٦ عاماً – والخاطف هددها بالقتل اذا تكلمت.
حاول الأستاذ الجامعي مساعدة ابنته ، مما جعل اللص يطلق عليه طلقتين مباشرتين على رأسه ، مما جعله يخر ميتاً في لحظته .
وقد اشتبهت الشرطة بأن الفاعل قد يكون ما زال طالباً بسبب طبيعة الجرائم التي تستهدف منازل الفتيات غالباً ولأن غالبية الجرائم كانت قريبة من كلية ( sequoias ( ) .
وتم تحديد قائمة ب ٣٧ شخص، ٢١ منهم كانوا يدرسون في الكلية لم يشك أحد ولو للحظة واحده أن اللص الذي قام بأكثر من ١٢٠ عملية سطو للمنازل على مدى ١٨ شهراً هو بالنهاية شرطي في القسم الخاص بالسطو في مدينة تبعد أقل من ١٠ أميال لم يكن (Joseph DeAngelo) من ضمن المشتبة بهم الـ ٣٧.
اختفى الـ (Ransacker) عن الأنظار بعد آخر اشتباك له مع اثنين من عناصر الشرطة و اختفى بعد أن عاشت مدينة (Visalia) رعبا استمر ل ٢٢ شهراً حدث فيها ١٢٠ عملية سطو منزلي، و جريمة قتل واحدة تخللها محاولة خطف فتاه تبلغ ١٦ عاما.
و المجرم الغامض ظهر بعد ٦ أشهر على بعد حوالي ٢٠٠ ميلاً شمالاً، ولكن هذه المرة بجرائم أكثر شراسة، وبلقب جديد هذه المرة هو (East Area Rapist) وقد حددت الشرطة ظهور مجرم آخر ، حيث لم يتوقعوا أن المجرم هو نفسه!
هذا اللقب أطلق عليه بعد سلسلة من جرائم الإغتصاب التي بدأت في الجزء الشرقي من مقاطعة (ساكرامنتو) وامتدت جرائمه في عدة قرى وبلدات صغيرة لمدة ٣ سنوات
وكان يتجول ليلاً في أحياء يقطنها ذوي الدخل المحدود، فهو يتصيد ضحاياه بعنايه .
وغالبا ما كان يستهدف نساء يعيشون لوحدهم، وتكون منازلهم في أماكن شبه مفتوحة تسمح له بالهرب لو كُشف أمره
كان أيضا يدخل للمنازل مسبقاً، ويبقي احد النوافذ مفتوحة، ويدرس مسرح الجريمة جيدا حتى لا يحدث أي خطأ وكان أيضا يقوم بالإتصال على منازل ضحاياه قبل تنفيذ جريمته أحيانا قبل التنفيذ بأشهر، لكي يدرس روتين حياتهم اليومي ويعرف متى يتواجدون في منازلهم !
ورغم أنه في البداية كان يهاجم النساء فقط، تطور الأمر لاحقا وأصبح يفضل مهاجمة الأزواج وطريقته كانت عن طريق التسلل للمنزل أثناء نوم ضحاياه وإيقاظهم بمصباح يدوي، وممسكا بمسدس في يده الأخرى .
ويطلب من الزوجة تكتيف يد الزوج، ثم بخبث ودهاء يضع صحون زجاجية على ظهر الزوج الملقى على الأرض في هذه الحالة اذا تحرك الزوج وسقطت الصحون، يكون مصيره ومصير زوجته القتل ، وكان بعد ذلك يقوم بإغتصاب ضحيته في غرفة مجاوره، وأحيانا يقوم بذلك لساعات متواصلة!
وكان يتصرف بغرابة حيث يقوم بالأكل وشرب الكحول في المنزل ثم يعود مره أخرى لإغتصاب ضحيته، والزوج ما زال مكبلا وفوقه كومة من الصحون الزجاجية مهددا اياه بالموت اذا سقطت الصحون أو حاول فك قيده!
فشلت الشرطة في كل المحاولات للقبض عليه، حيث كان ذكيا في المراوغة يتعمد ترك أدلة لتشتيت الشرطة!
أن أغلب ضحاياه يعانون حتى اليوم من ما يسمى (اضطراب ما بعد الصدمة) بسبب ما سببه لهم من رعب أثناء وبعد ارتكاب الجرائم ، ويقال أنه في احد الاجتماعات المدنية التي عقدت في ذلك الوقت لمناقشة قضية (East Area Rapist) شكك رجل في حقيقة أن أحدهم قد يرضى أن تُغتصب زوجته أمامه ولا يفعل شيء !!
ولاحقا تعرضت زوجته للهجوم والإغتصاب وكان أحد ضحاياه ، وهذا ما يشير أن المجرم كان حاضرا في الإجتماع أيضاً!
في عام ١٩٧٩ ، اخر أعوامه كشرطي قبض عليه وهو يسرق من أحد المتاجر مطرقة و ادوات أخرى، ولم يتم التحقيق في سبب سرقته لهذه الأدوات التي ربما تم استعمالها في جرائمه بل اقتصر الأمر على فصله من العمل.
بعد فصله اختفى أخيرا الـ (East Area Rapist) من ضواحي مدينة ساكرامنتو
بعد أن قام بأكثر من ٥٠ عملية سطو ، تخللها العديد من حالات الإغتصاب لنساء وحدهم، بحضرة أطفالهم، أو حتى بحضرة أزواجهم ..! وقام فيها بقتل زوجين صادفاه في أحد الأزقة كل ذلك وهو يعمل كشرطي في وحدة السطو.
بعد ذلك انتقل جوزف الى العيش في جنوب ولاية كالفورنيا وتحديدا مقاطعة (Santa Barbara) ليبدأ أحلك الفصول سواداً في مسيرة جرائمه، حيث لم يعد يكتفي بإغتصاب ضحاياه وترويعهم فحسب، بل تعدى ذلك ليبدأ في قتل كل ضحايا الإغتصاب باستثناء أول ضحية!
اختفى وكان تزامن اختفائه المفاجئ مع ولادة ابنته الثالثة، لماذا توقف هل شعر بالملل فجأة هل استيقظ ضميره بعد كل الجرائم التي قام بها ام أن الأمر متعلق بولادة طفلته الثالثه؟ كلها اسئلة لا يملك إجابتها هو!
كيف تم القبض عليه؟
على الرغم من أن جرائمه حدثت في مناطق مختلفة، وبأشكال مختلفة، وبألقاب مختلفة الا أنه تم التأكيد على أن المجرم لجميع سلسلة الجرائم هو شخص واحد ،كما بعض القضايا أقفلت لعدم وجود أدلة، وبعضها يتم مراجعتها وإكمال التحقيقات فيها على فترات متباعدة .. ومثل هذه القضايا تكلف الكثير من الجهد والوقت والمال بسبب قُدم وقوعها وقلة الأدلة .
عادت التحقيقات في القضية بكثافة عام ٢٠١٥ و٢٠١٦
حيث نشرت الاف بي آي تفاصيل إضافية عن بعض جرائمة، ورسمات مقاربه للمشتبه به جديدة، وأعلنوا عن ٥٠ الف دولار مكافئة ، وتم انشاء قاعدة بيانات وطنية خاصة بالقضايا لحث الناس لمشاركة أي تفصيلة تخص الـ (Golden Stare Killer).
١٨ ابريل ٢٠١٨ تم أخذ عينتين من الـ (DNA) الخاص بالمشتبه به من باب سيارته، ومنديل في قمامة قريبة من منزله – كلا العينتين بدون إذن وبدون علمه، مما أثار تساؤلات عن أخلاقيات هذه الطريقة –أخذ عينه بدون إذن-.
بعد فحص العينتين، تأكد تطابقهما مع عينات متعلقة بجرائم الـ(Golden State Killer)
ليتم أخيرا القبض عليه في ٢٤ أبريل ٢٠١٨ بعد أكثر من ٤٠ سنة من البحث المتواصل
ليتم بذلك إستدال الستار على واحدة من أغرب وأكثر المطاردات تعقيدا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.