“الميحة ” مهجة الباطنة وعروس القرى الجبلية
تعتبر القرى الجبلية في السلطنة الحبيبة متعة في عين الزائر والسائح والضيف وسوف نتحدث عبر قبس الإخبارية عن ميحة الباطنة التي تقع بين السلاسل الجبلية والمنحدرات ويطلق على اسمها معاني كثيرة اشتهرت بها على مر العصور، حيث أن الاسم اشتق من كلمة الانخفاض الذي يكون بداية التكوين ويمر بعدة مراحل تظهر أمام العين وهو المكان ذو المياه الغزيرة التي تتدفق من كل الجهات ، هذه هي ميحة بني كيوم هي أحدى القرى بولاية الخابورة ويمكن الوصول اليها بواسطة الطريق المعبد المتصل بالشارع العام من قرية قارح الاقرب مسافة اليها والتي تبلغ ٢٣ كيلو مترا، وقد حظيت محية بني كيوم بالعديد من المنجزات الخدمية في عهد النهضة المباركة منها رصف الطريق ، وتوصيل التيار الكهربائي ، وخدمة المياة ، وشبكة تقوية الهاتف النقال كما تم انشاء مدرسة للتعليم الاساسي ، كل هذا تم في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه . وقبل الوصول الى الميحة سوف تمر على حلة النمرة ومن ثم تصعد العقبة وعند النزول سوف تشاهد جزء الحارة الشرقي ومنازله العالية وتستمر حتى تتوسط الوادى ومنه سوف تشاهد معالمها الاثرية والسياحية التي تتميز بها عن غيرها من القرى ، مثل بناء الجداران القائمة بالحصى والطين وقد وضعت بها التصاميم المعمارية الجميلة ، كذلك بناء المنازل ولا يزال البعض منها قائم وقد تفنن من وضع عليه لمساته الاخيرة منذ زمن الاجداد رحمهم الله ، وقد أندثر البعض منها والبعض لا يزال البعض يقاوم عوامل الطقس حتى يومنا الحاضر ، ومن يصل الي هناك سوف يزور السبلة التي تقع بالطابق الثاني بالجامع والتي يجلس بها الأهالي والضيوف لتناول القهوة العمانية وأخذ العلوم وهي عادة تتمسك بها القرى الجبلية في تبادل الاحاديث ،، لا شك بأن قرية الميحة لا تخلو من الاماكن الاثرية حيث عثر في ظهرة المصالي على نقوش ورسومات والكتابة بالخط المسماري وعلى الصخور التي تدل على الاحداث في ذلك الزمن ،ومن المواقع السياحية: هي المركض ، ساهك ، سدر السود ، الكيبي ، المنزفه ، البديعة ، غور التين ، حيل أولاد حمود ، القصيرة موطن الأجداد ، حيل أولاد عبدالله والستال ، كما يوجد بها برج الحارة ، الغوير ، الغرفة الذي بني على شكل منزل والذي يوشك الآن على الاندثار وهو على قمة الجبل ، وبها جبل الحبك الذي لا يزال يحتضن أكبر صخره معلقة تسمى الموكبة بالأسقف الصغيرة قدرة الله عز وجل بالإضافة إلي جبل الحبك وبه طوى الوطيه ، والطوى العلوية والمنزف ، حارة السوقمي وبها الغوير وحارة سكة الصباح وحارة سكة المصلى ، والعضيدة والمنزفه ، والبويضاء ، وحلة النمرة ويصل عدد السكان الي 500 موزعين على الحلل أيضا عدد (7) مساجد توداء بها الصلاة مسجد الريب ، السبلة ، الكيبي ، الحارة ، النمرة ، وجامع الميحة والذي أعيد بنائه على نفقة أصحاب الأيادي البيضاء شركة الكيومي للكهرباء والتجارة ومسجد الاعياد ، ولا يزال الاهالي يتمسكون بالموروث الشعبي صناعة السعفيات والفنون الشعبية والعزوة التي تودا في مناسبة العيد . ويعتمد الأهالي على تربية الماشية والزراعة وتربية مناحل العسل ومن المزروعات الليمون ، المانجو ، والتين ، الزيتون ، والعنب ، والحناء ، واللوبيا ، والمنج ، والسفرجل ، والنيدان . ومن أهم أشجار النخيل هي النغال ، الفرض ، قش طبق ، الخنيزي ، قش سويح ، البرشي ، ونخلة الخصاب التي تبقى أخر النخيل على مستوى القرى الجبلية . ومن الأشجار الظليلة شجرة السوقم والسدر واللثب ، والحبن ، والشوع الذي يستخدم ورقه خلال أيام الأعياد ويوضع بداخل خصفة الشوى حتى يظهر رائحته الطيبة أثناء تناول وجبة الغداء في اليوم الرابع . وتسقى المزروعات بالأفلج الغيلية فلج الحبك ، السوقمي ، الستال ، المنزفة ،الكيبي ، ويوجد بها ثلاث عيون عين الرسة ، الكيبي ، وضاحية العين بالاضافة الي الوادي الشهير الذي اطلق عليه اسم القرية وياتي وادي الميحة من ولاية عبرى ويمتد جريانه حتى يصل البطحاء . وقد حظيت الميحة بانشاء بها سد للتغذية الجوفية مشروع مشترك بين الوزارة الموقرة والأهالي ويبعد السد (3) كيلو وشيد بموقع يسمي غيران حديد وقد أحتجز الكم الهائل من المياه بالإمطار الأخيرة . ومما يعرف عن أهالي الميحة بأن الاغلبية يمارسون التجارة والسفر داخل وخارج السلطنة من أجل طلب الرزق وانتقلوا الي عدة قرى منها ولاية مدحا ، مدينة صحار ، ولاية صحم ، مدينة نزوى يوجد بها أولاد مالك الكيومي ، مدينة الرستاق وادي بني هني وادى السحتن ، زولة ونيابة الحوقين وفي السويق استقروا في البطحاء والبداية ولهم أحفاد حتى يومنا هذا . كذلك عُرف العمانيين لهم باع طويل في السفر والتنقل والتجارة والملاحة البحرية وكانوا أسياد البحر حيث وصلوا الي الهند والصين ومصر والولايات المتحدة حتى كونوا علاقات طيبه خارج السلطنة ، أيضا تمكن بعض اهالي الميحة من السفر اليزنزبار أرض القرنقل وانتشروا هناك في عدة امكنة منها الجزيرة الخضراء وبرواندي وروندي وممباسه ودار السلام وبيكوبا وتانقا ودو دوما ومقديشو التي تمركز بها شيخنا العلامة الجليل هلال بن ناصر بن علي الكيومي والذي كان مفوض من قبل الوالي في السماح بنزول كافة الإخوة العمانيين الذين يرغبون بالإقامة ، وظل هناك رحمه الله أكثر من (57) سنه وكان ياتي زيارة الي الميحة ويسافر الي مقديشو ، ولكن في عودته الاخيرة لم يمكنه الأجل المحتوم من العودة حيث توفي في الميحة سنة 1967 في شهر رمضان المبارك بعد صلاة الوتر فهو من الزاهدين في العلم وحفظة القران الكريم والأحاديث والسيرة النبوية وفي أيام حياته حدثنا عنه أبنه (أحمد بن هلال) الذي يقيم في منطقة البداية حيث قال بان والده أحس بالمنية تقترب منه قبل صلاة التراويح رحم الله شيخنا العلامة الجليل (هلال ) وتغمد روحة الطاهرة الي جنات النعيم مع المقربين والصديقين والشهداء الذين شهدوا له بالوحدانية وصدقوا بالرسالة وجاهدوا في الحياة الدنيا خير جهاد . وذكراهم الطيبة لا تزال باقية . ومن أجل طلب الرزق والحياة الكريمة هناك أصبحوا العمانيين خارج السلطنة تجارا لهم شهرتهم ومكانتهم الطيبة بين الدول كتجارة للقرنفل والعاج واللبان وغيرها من التجارة الرائدةفي ذلك الزمن وقد أمتلك البعض منهم محلات تجارية في زنزبار وتنجاء والجزيرة الخضراء وممباسه ودار السلام والبعض عاد الي السلطنة في العهد الزاهر الميمون لحضرة صاحب الجلالة طيب الله ثراه والبعض لا يزال هناك استقر مع أسرته .الميحة تعتبر من أجمل القرى السياحية الخصبة بعد هطول الامطار الغزيرة ولا شك بأنها تستحق الزيارة من أجل قضاء بها يوم سياحي جميل ، حيث انها تمتاز عن غيرها من القرى الجبلية بذلك الطقس اللطيف وهوائه العليل الممتع في غاية الروعة والجمال والذي يميل لاعتدال ومن يصل إلي هناك ويزورها سوف يرى منظرها العالي وهي تعتلي سفوح الجبال وأخذت موقع رائع على طول مجرى الوادي .