معجزة الإنديز : أن تأكل جثث أصدقائك لتتمكن من النجاة
يعيش العالم في كوكب تكثر فيه القصص والحوادث ، الغريبة منها والأليمة والمضحكة والفريدة ، احدى قصص عالمنا هي معجزة جبال الأنديز ، والتي عانى فيها الأبطال قصة الحياة ، وتكبدوا ألم الموت وشاهدوا أرواح بعضهم تصعد للسما.
وقعت الحادثة في ٢٢ من ديسمبر ١٩٧٢ بعد سقوط طائرة رقم ٥٧١ وسط مرتفعات الإنديز الشاهقة في الأرجنتين ، بسبب عطل فني وسوء الأحوال الجوية حيث أخطأ الطيار في تقدير توقيت الهبوط واصطدمت الطائرة بجبل ثلجي ، وكان على متن الطائرة ٤٥ راكباً من ضمنهم فريق لعبة “للرغبي” وأصدقائهم وعائلاتهم ، حيث كانوا متوجهين من الأورغواي الى تشيلسي من أجل خوض مباراة هناك .
عند سقوط الطائرة توفي عدد كبير من الركاب مباشرة متأثرين بالجروح البليغة والبرد القارص .
ويا لسوء الحظ ! فقد قضى ثمان أشخاص أخرون نحبهم ، نتيجة لإنهار ثلجي وقع فوق جزء من الطائرة التي كانوا يحتمون فيها من البرد .
في هذا الحادث الأليم لم ينجو سوى ١٦ شخص تم إنقاذهم بعد ٧٢ يوم من المعاناة ، أي بعد شهرين من الحادثة !
عاش الناجون شهرين تذوقوا فيها مرارة الحياة ووجع البرد القارص ووحشة المغامرة ، فلم يكن بحوزتهم سوى القليل من الطعام والماء ناهيك عن الأرتفاع العظيم حيث كانوا على ارتفاع ٣٦٠٠ متر فوق سطح البحر ، وقد حاولوا حماية ورعاية بعضهم البعض .
كيف سيجابهون الحياة ؟ وهل يصمدون ؟
قام الركاب بتكديس الحقائب والأمتعة ومقاعد الطائرة في الجزء المفتوح من الطائرة بهدف الحصول على ملجأ يحميهم من البرد القارس، وفكروا أيضاً بإستخدام قطع الألمونيوم من الحطام لإذابة الثلج والحصول على مياه للشرب ، و لم يكن بالامر الاسهل فأضطروا لحرق الملابس ليحصلوا على الحرارة والماء .
وبعدها ، وجد الناجون مذياعاً صغيراً فكان هو بصيص الأمل لديهم ، واخيرا سيتمكنوا من الحصول على أخبار العالم الخارجي وأخبار عمليات البحث عنهم ، ولكن ولسوء الحظ وبعد مرور احدى عشر يوماً من الحادثة ، سمعوا على المذياع إيقاف عمليات البحث عنهم بعدما فقد العالم الأمل بالعثور على الطائرة المنكوبة .
ما القادم المؤلم !
نفذت كميات الطعام لديهم وبدأت أجسامهم بالنحول والوضع مروع للغاية والأمل معدوم، فكيف الخلاص؟
بدأت فكرة ما تتراود على عقولهم ، فهي الحل الوحيد المتبقي ، ولكن ! حتى مناقشة الفكرة أشبه بالموت البطئ ، ولكن لم يكن يوجد خيار فإما الموت جوعاً ، أو أكل جثث أصدقائهم وعائلاتهم ، وبعد نقاشات استمرت لأيام قام بعضهم ممن يمتلك الجرأة بقطع أجزاء صغيرة من الجثث وطيها وتناولوا ما يسد بهم رمقهم ويسكت ألم بطنهم! في النهاية إنها غزيرة الحياة.
يقول أحد الناجين :” عندما ادركتني الحاجة واتخذت قرار أكل اللحم البشري من جثث أصدقائي ، يدي لم تطعني وحلقي لم يسعفني فالأمر كان صعب جداً “.
وعلى مدار الأسابيع لقي البعض مصرعم نتيجة للجوع الشديد والمرض وانخفاض الأكسجين بسبب الإرتفاع الشاهق ، وكل هذه الكوارث وفقدان الأرواح ما هو الا ضغط أكثر على الأفراد الباقيين ، أن ترى أصدقائكم يصارعوا الموت فهو أمر شديد الألم .
البحث عن الأمل
مع مرور الوقت وانقضاء شهرين على الحادثة ، قرر ثلاثة أفراد البحث عن الأمل ، والإنطلاق في عملية بحث عن أي حضارة والعودة مع وسيلة الإنقاذ ، انطلق الأبطال حامليهم معهم عدة من أقمشة مقاعد الطائرة
تحميهم من البرد ، وقطعة من أحد الجثث لتقيهم من الجوع ، وبدأو بتسلق قمة الجبل لعلهم يحصلون على أمل .
بعد رحلة شاقة أستمرت لعشر أيام ، عاد أحدهم الى موقع الطائرة ليمون مع باقي الجثث فهو فاقد للأمل ، بينما أستمر الأخرون في البحث ، وفجأة ! سمعوا صوت جريان مياة ، وحاولوا تتبع الصوت والأمل يشع في قلوبهم ، وعلى الضفة الأخرى من النهر كان هنالك ثلاث من الرعاة فبدأ الناجون بالصراخ والأشارة على أمل ان يلتفت لهم الرعاة، ولكن للأسف ! ظن الرعاة أنهم مشردين بسبب مظهرهم المنهك ولحيتهم المطلقة وجسمهم النحيل المتعب فتركوهم ومشوا .
إنهار الرجلين من وقع الكارثة وتجاهل الرعاة ، ولكن ويا للمفاجأة عاد الرعاة ومعهم قلم وورقة ، وربطوها بحجر ليتسنى لهم الكتابة ، وتواصلت المجموعتين خطياً .
ووصلت الرسالة الأولى للرعاة وكانت مثيرة جداً للإهتمام ، حيث كتب الناجون ” لقد جئت من طائرة سقطت في الجبال ” الأمر الذي استدعى الرعاة لإستدعاء فرق الإنقاذ .
الإنقاذ الأخير والحياة الجديدة
وصلت فرق الإنقاذ مكان الكارثة ، وتم نقل الناجين الى بر الأمان، وصدم العالم بعد سماع قصتهم المروعة ، وحقيقة أكلهم لجثث عائلاتهم وأصدقائهم .
وقد كتبت الروايات عن الكارثة وأنتجت الأفلام عن قصة جبال الأنديز التي عرفت فيما بعد بمعجزة الأنديز .