غير مصنف

أين اختفت عائلة ماكساي؟

 

قصة اليوم من أمريكا .. قصة عائلة بسيطة اختفت في ظروف غامضة لتبدأ السلطات الأمنية سلسلة من التحقيقات في سبيل العثور على العائلة .

هذه الأسرة كانت بطبيعة الحال سعيدة جدًا ومثالية لأبعد الحدود حالها كحال جميع العائلات المستقرة والمسالمة ، وكانت مكونة من الأب جوزيف ماكستاي 40 عام، زوجته سمر ماكستاي 43 عام، ولديهم طفلين هما جوي جونيور ثلاثة سنوات، وجياني أربع سنوات.

تفاصيل القصة : 

بدأ كل شيء في اليوم الرابع من فبراير من العام 2010… وهذا كان يوم اختفاءهم وبداية قصة جديدة من قصص الغموض والجريمة ، استمر غيابهم  عن الأهل والأصدقاء نحو  9 أيام… وفي يوم 13 فبراير، لاحظ تشارليز ميريت (شريك جوزيف ماكستاي في العمل) غياب جوزيف على غير العادة، فأتصل بأخوه مايكل ماكستاي، قائلا له أهلا يا مايكل، لم أرَ أخيك منذ أكثر من أسبوع ولم يأت إلى الشركة .. هل من خطب .؟! ليبدأ قلب الأخ بالذعر والخوف اذا ما أصيب أخيه وعائلته بمكروه   ، حيث كانت العلاقة بين الأخوين  جوزيف ومايكل ماكستاي جيدة وطبيعية وخالية من أي مشاكل، بدأ مايكل يضطرب ويقلق، ولاحظ غياب أخوه بالفعل، كما هو نفس الحال كان مع والدتهم التي لاحظت هي الأخرى هذا الموضوع منذ اليوم الأول ، لأن ابنها جوزيف كان يتصل بها يوميًا، لكنها كانت تطمئن نفسها، وتقول في قرارة نفسها أنه ربما يكون منشغلاً طوال الأسبوع الماضي في عمله، لكنها بدأت تقلق هي الأخرى .. ! لذلك طلبت من ابنها مايكل أن يذهب ليطمئن على أخوه في منزلهم ويعرف كيف حاله.. 

بالفعل ذهب مايكل إلى منزل جوزيف أخوه فوجد الأنوار مضاءة، والكلاب في الحديقة بمفردهم بدون أي شخص يرعاهم، لكنه وجد عبوتين دراي فود أمام باب المنزل…! أن الأمر في منزل العائلة كان مريب ،

لذا حاول الدخول من الباب الخلفي، وبعدما تسلل إلى الداخل وجد بالفعل الأنوار مضاءة، بالإضافة إلى أن هناك طعام جاهز للطهي وكأنهم أعدوه ولم يتسنى لهم تناوله ، كما أن هناك طبق يحتوي على كورن فليكس، وألعاب الأطفال كانت منثورة على الأرض،، فالوضع في المنزل كان ليس طبيعياً .

 ظن أخوه أنهم سافروا في البداية، ولكن حينما رأى المنزل هكذا بدأ يستبعد فكرة السفر، لأنهم من الواضح أنهم رحلوا فجأة، أو ربما اختطفهم شخص ما، أو ربما هربوا من شيء ما…!

في هذا الوقت رن تليفون المنزل، أجاب الأخ مايكل ماكستاي على أمل أن يسمع أخباراً عن عائلة أخيه، الا أن  المتصل كان جمعية الرفق بالحيوان، ليطمئنوا على الكلاب التي كانت تنبح طوال الليل وتزعج الجيران، أخبروه أيضًا أن عبوتين الدراي فود هم من أحضروها…! 

بدأ الشك والريبة يتسللوا إلى قلبه أكثر وأكثر، وقرر أن يتصل بالشرطة، والذي حضروا بعد أقل من ربع ساعة، وبدءوا تحرياتهم وفحصوا المنزل، وسألوا الجيران والأصدقاء والأقارب والمعارف، كان هذا يوم 15 فبراير 2010… أي بعد مرور 11 يوم على اختفاءهم.

عمل الشرطة والتحقيقات ..!

وجد المحققون أن قصة اختفاء عائلة ماكستاي معقدة ولا توجد أي أطراف أو أدلة يبدأون منها التحقيقات، فحص أحد المحققين كاميرات المراقبة بالمنطقة، ووجد أن الأسرة غادرت بسيارتهم ، ولم يعودوا.

 قرر المحقق أن يتتبع خط رحلة العائلة طريق تتبع سيارتهم، وتواصل مع الجهات المعنية، إلى أن جاءه بلاغ أنهم وجدوا سيارة العائلة يوم 8 فبراير؛ في مرأب سيارات بمنطقة في الطريق الجنوب الشرقي في سان دييجو، وهذه المنطقة بالقرب من الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك… فيالغرابة الأمر ! لماذا توجهت العائلة الى الحدود المكسيكية ؟ فهل كانوا يخططوا للسفر هناك؟! بالطبع لا ..! الشرطة قررت استجواب أصدقاء العائلة لعلهم أخبروهم يوماً بنية رحيلهم للمكسيك ..!

 أصدقاء الزوجة سمر ماكستاي قالوا أنها لم تعتزم يومًا السفر للمكسيك، وكانت رافضة الفكرة من الأساس، بالإضافة إلى أن التحريات أثبتت أن جواز سفرها كان منتهيًا، في حين أن الأطفال لم يصدر لهما جواز سفر. إذن ما الذي جعلهم يذهبون إلى حدود المكسيك…؟! كل هذه التساؤلات زادت القضية غموضًا وتعقيدًا أكثر مما هي معقدة…!

هل لماضي الزوجة الأجرامي علاقة بقصة إختفاء العائلة ..؟!

قال الشهود والأصدقاء أن ماضي الزوجة  سمر ماكستاي  كان غامض ومشبوه، وأن هناك علاقات سابقة لها بالجريمة والمافيا، من ضمن هذه العلاقات كان شخص يدعى جوهانسن، صاحب تاريخ كبير من الإجرام، الأغرب من ذلك ..!  أنها غيرت اسمها عدة مرات، كان اسمها قبل الزواج فيرجينيا ليزا أراندا، وقبل هذا الاسم أيضًا كانت اسمها سمر مارتيللي، وبعد ذلك استقرت على أن يكون اسمها سمر أراندا مارتيللي، وعلى الرغم أن الاسم مارتيللي ليس لقب عائلتها، بل كان لقب زوج والدتها، إن تغيير اسمها جعل المحققين يظنوا أنها هاربة من شيء غامض…!

بعد العثور على سيارة العائلة بالقرب من حدود المكسيك في 8 فبراير، طلبت الشرطة ووحدة التحقيقات نقل السيارة إلى مقر وحدة تحقيقات الجرائم كي يفحصوها، ويرفعوا كل البصمات التي عليها، وبعد تفتيشها لم يجدوا أي شيء يثير الشك والريبة، بل أنهم وجدوا في الحقيبة الخلفية للسيارة صندوق به لعبتين…!

قررت وحدة التحقيقات الإستعانة بالشرطة المكسيكية ، لتبدأ رحلة بحث مشتركة لعلهم يجدون أثراً للعائلة المفقودة ..! 

كانت هناك آراء تقول أنه من الممكن أن يكون الزوج قد سافر إلى المكسيك، لينهي صفقة عما أو أي شيء آخر، لكن كانت هناك آراء أخرى تقول أنه لم يذهب إلى المكسيك أبدًا. ولكي يتأكد المحققين من الأمر، وسعوا دائرة البحث، ففحصوا الكاميرات المثبتة على الحدود بين أمريكا والمكسيك، وجدوا شيئًا غريبًا كان بمثابة دليل جديد في القضية، وجدوا في الفيديو أسرة مكونة من زوج وزوجة وطفلين، بنفس الوقت الذي اختفت فيه الأسرة، وهم يعبرون إلى الحدود المكسيكية،و كانوا يشبههونهم جدًا، وما جعلهم متأكدين أكثر هو أن الزوجة كانت ترتدي رداء من الفرو، نفس النوع الذي تحبه الزوجة سمر. ومع ذلك لم يكن الفيديو واضحًا 100%، الا أنه هذا الاحتمال كان غير أكيد لأن جوزيف وحده من كان يمتلك جواز سفر، في حين أن سمر زوجته جواز سفرها كان منتهيًا، بالإضافة إلى أن الأطفال لم يكن لديهم جوازات سفر.. فكيف دخلوا الحدود بهذه الأريحية ..!

وهذا ما جعل فيديو الكاميرا المثبتة على بوابة الحدود ليس ذات أهمية… 

الشرطة تتسائل .. هل هذه الأسرة تم اختطافها؟! ولكن لو خطفهم شخص ما… لماذا لم يتصل بعائلة جوزيف أو حتى عائلة سمر كي يطلب فدية؟!!

شعرت وحدة التحقيقات بأن القضية معقدة وتفاصيلها غامضة جداً ، وكلما يمسك المحققين طرف خيط، يتلاشى!!

لذلك حاولوا أن يبحثوا عن أدلة جديدة، فبدأو في فحص الحساب البنكي لجوزيف ماكستاي، ووجدوا أن به مبلغ كبير، حوالي 100 ألف دولار، فلو كان ينوي السفر إلى المكسيك كان يجب عليه أن يسحب هذا المبلغ، أو يسحب 1000 دولار على الأقل! لكن المريب .. أنهم وجدوا أن الحساب البنكي ليس به أي حركة منذ وقتٍ طويلٍ. وهذا كان هذا يوم 5 مارس، أي بعد مرور شهر على اختفاءهم .. فإذا كانت العائلة هاجرت كيف ستصرف على نفسها هذه الفترة ..؟! 

،ومازال المحققين لم يجدوا أي أدلة تقودهم إلى حل القضية، وبدؤوا يفقدون الأمل تدريجيًا، وقالوا أن الأمر في النهاية ليس أكثر من أسرة قررت أن تهاجر إلى دولة أخرى، هروبًا من شيء ما شيء غامض…

الا أن المحققين لم يستسلم وقرر البحث في طريق جديد، من خلاله توصل إلى خيط مهم، فحص اللاب توب الخاص بالأسرة، ووجدوا دليلاً جديدًا ومهمًا، دليل جعلهم يغلقون ملف القضية؛ وجدوا أن الأسرة قبل اختفاءهم بأسبوع كانوا يبحثون في محرك البحث جوجل عن كيفية الهجرة إلى المكسيك، وكيفية استخراج جوازات سفر للأطفال، وأشياء من هذا القبيل…! 

وفي نفس الوقت الذي استقبل المحققين بلاغ من أحد المطاعم بولاية كاليفورنيا، وأخبرهم أنهم رؤوا أسرة ماكستاي عندهم في المطعم، وأحد العاملين وصف الأطفال بالضبط، ذلك لأن الطفل جونيور كان به شامة مميزة على وجهه. وقال عامل المطعم أنه رأى الأسرة ومعهم خريطة المكسيك، وكانوا يفحصونها ثم تركوها ورحلوا. أخذ المحققين هذه الخريطة وفحصوها ليبحثوا فيها عن أي بصمات، ولكن المفاجأة هي أنهم لم يجدوا عليها أي بصمة من بصمات أفراد الأسرة..!

بحثوا على خيطٍ جديدٍ، ألا وهو فحص المكالمات التي أُجريت على هاتف جوزيف ماكستاي قبل الواقعة، فوجدوا أن هناك مكالمة غريبة من ضمن المكالمات، كانت من جوزيف لشريكه؛ تشارليز ميريت، ولكن الأخير لم يجب عليها، حينما استجوبوه المحققون وسألوه عن سبب عدم الرد، أجابهم أن هذا أمر عادي، لم أجب على المكالمة لأنني كنت مشغول، ولم أشعر حينها أن تلك المكالمة مهمة. الغريب في الأمر هو أن المحققين حينما فحصوا صحيفة ميريت الجنائية، وجدوها مليئة بحوادث سرقة وأفعال مشبوهة، حاولوا تضييق الخناق عليه، لكنهم لم يستطيعوا أن يجعلوه يعترف، خصوصًا أنه لم يكن هناك أي جثث…!

في هذا الوقت، بدأت فرص العثور هذه الأسرة يتلاشى، وفقد المحققين الأمل، وأغلقوا القضية… أغلقوها تمامًا…!

وعلى الرغم من إغلاق ملف القضية الا أن العناية الالهية ترسل لهم على أدلة جديدة .. مريبة .!

بعد مرور ٣ سنوات على إغلاق ملف القضية ..  وحتى جاء شهر نوفمبر لعام 2013، العناية الإلهية أرسلت للمحققين خيط جديد سيغير مجرى القضية؛ ألا وهو… العثور على جثث أسرة ماكستاي.

وهذا كان عن طريق أحد المواطنين الذين يمارسون المعسكرات في مكان ما بصحراء كاليفورنيا، هذا المكان يسمى فيكتورفيل… وبعد فحص الجثث عن طريق الـ DNA وجدوا أنها بالفعل جثث أسرة ماكستاي. تم فتح ملف القضية من جديد عن طريق فريق جديد من المحققين، فحصوا كل الأدلة السابقة.

ملف القضية فُتِح من جديد .. فمن القاتل .! 

تم فتح ملف قضية اختفاء من جديد عن طريق فريق جديد من المحققين، فحصوا كل الأدلة السابقة، ووجدوا أن كل أًصابع الاتهام تشير إلى شريكه في العمل؛ تشارليز ميريت. باعتباره آخر شخص تواصل معه، وأول شخص لاحظ اختفاءه، بالإضافة إلى صحيفته الجنائية السوداء بالطبع .

وأيضًا تحريات المحققين أثبتت أنه في نفس وقت الجريمة، كان ميريت يمر بضائقة مالية نتيجة لعب القمار، وباستجواب بعض المقربين، وبعد جيران الأسرة، الذين أقروا أنهم سمعوا قبل اختفاء الأسرة مشادات ومشاجرات بينهما، وضع المحققون كل هذه الأدلة جنبًا إلى جنب.

وقرروا القبض على تشارليز ميريت، باعتباره المتهم في اختفاء عائلة ماكستاي ، وهذا كان في مطلع عام 2014… وفي الاستجوابات كان ميريت يماطل ويراوغ المحققين ، لدرجة أنه كان كل فترة يطلب تغيير المحامي الخاص به، لدرجة أنه فعل ذلك 48 مرة… هل تتخيلون؟!

ظلت الاستجوابات فترة كبيرة، حوالي 4 سنوات وكان يراوغ فيها القاتل ويماطل ، وقام تشارليز ميريت بعمل شيء غريب جدًا ومشين، حيث قام  الرجل  بتأليف كتاب، رواية، ذكر فيها كيف قُتِلَتْ عائلة ماكستاي، وفي خلال خمس سنوات استمرت فيها الاستجوابات والتحقيقات إلى أن استطاعت المحكمة في النهاية أن تكتشف أن ميريت بعد اختفاء الأسرة بيومين ظهر معه مبلغ مالي حوالي 25 ألف دولار، وأنفقهم كلهم في القمار، حينها لم يستطع ميريت أن يثبت براءته، وبعد تضييق الخناق عليه اعترف بارتكاب الجريمة… وحكمت المحكمة عليه بالإعدام… في يونيو 2018… ثم تم تنفيذ حكم الإعدام عليه في يوم 13 ديسمبر 2019.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى