رخام ثاسوس .. السر وراء برودة أرضية الحرم المكي
أكدت رئاسة شؤون الحرمين في المملكة العربية السعودية أنه ليس هناك أجهزة تبريد لأرضيات الحرم المكي، والسعودية تستورد رخام نادر من جزيرة “ثاسوس” في اليونان ويعمل على عكس الضوء والحرارة الذي يتسبب براحة المصلين والطائفين في أقصى درجات حرارة الشمس
فعندما يخلعون نعالهم حجاجا أو معتمرين، للطواف بالبيت أو للسعي بين الصفا والمروة، متهيئين
–خصوصا في فصل الصيف الذي تصل درجة الحرارة في مكة إلى ٥٠ درجة مئوية في بعض أيامه– لتلامس أقدامهم أرضية حارة، فإنهم يجدون العكس، أرضا رخامية باردة.
ظن البعض، بل وتحدث عدد منهم أن هناك مواسير مياه باردة أسفل الرخام هي السبب وراء تلك البرودة، لكن هذا لم يكن حقيقيا.
–للمزيد حول رخام “ثاسوس” اليوناني:
ورخام التاسوس هو رخام يوناني أبيض اللون، زادت شهرته وذاع صيته حول العالم منذ ثمانينات القرن العشرين، بعدما كان قد ذهب طي النسيان لفترة طويلة، ليستعيد شهرته التي اكتسبها قديما في بلاد اليونان.
فبين القرنين السادس والأول قبل الميلاد، استخدم الإغريق والرومان رخام تاسوس لبناء المعابد والمنحوتات.
وبالعودة إلى ثمانينات القرن الماضي، بدأت المحاجر في جزيرة تاسوس الواقعة في بحر إيجه، وخصوصا تلك المحاجر في منطقة باناجيا من الجزيرة التي لا تزيد مساحتها عن ٣٨٠ م²، بدأت تتلقي معدلات طلب متزايدة من جميع أنحاء العالم.
الجميع راغب في رخام التاسوس الذي لا يوجد مثله في أي مكان آخر حول العالم، والزبائن من كل مكان، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط واليابان وأجزاء أخرى من آسيا وأمريكا الشمالية.
وتستورد المملكة منذ عقودٍ، رخام “ثاسوس” اليوناني واسع الشهرة، والذي يتم استخدامه خصيصًا للحرم المكي الشريف لعكسه الضوء والحرارة، وهو ما لا يفعله أي نوع آخر من الجرانيت والرخام
ويُعد رخام الثاسوس نادر الوجود، ويتم استيراده من أحد جبال اليونان، وهو ما يجعل رخام الحرم باردًا رغم وصول درجة الحرارة في بعض الأيام إلى ٥٠ درجة مئوية
ويأتي رخام الحرم من جزيرة ثاسوس التي تقع شمال اليونان، ولا تتجاوز مساحتها ٣٨٠ مترًا مربعًا؛ فاليونانيون يُعَدون من أوائل الشعوب التي اكتشفت الرخام وطوروا استخداماته على مر العصور
ويصل سُمك الرخام إلى 5 سنتمترات؛ حيث إنه يتميز عن غيره بلونه الأبيض الكرستالي، وهو من أنقى الأحجار الطبيعية وأكثرها صلابة، ويتميز كذلك بكونه يمتص الرطوبة عبر مسام دقيقة خلال الليل، وفي النهار يقوم بإخراج ما امتصه في الليل؛ مما يجعله دائم البرودة حتى في درجات الحرارة العالية لتكون بردًا وسلامًا على الطائفين بالبيت الحرام
ما يتميز به رخام تاسوس، أنه أحد أنقى أنواع الرخام الأبيض في العالم، ويستخرج من صخور طبيعية قوية للغاية ذات لون أبيض ثلجي أو كريستالي يمنحه إشراق وتألق مذهل.
إذ يتكون رخام التاسوس من بلورات صغيرة شفافة، هذه البلورات منحته اسمه الثاني المعروف به عالميا “الرخام البلوري اليوناني“، وهذه نقطة تفوق جديدة لرخام التاسوس على مثيله الموجود في فيتنام والذي يتكون من بلورات شفافة أيضا لكنها كبيرة الحجم.
وتقوم المملكة باستيراد الرخام على شكل قطع صخرية ضخمة، وتتم معالجتها في مصانع سعودية خاصة وبإشراف كوادر فنية مؤهلة لقص تلك القطع إلى بلاطات بمقاسات معينة وبمعايير خاصة.
ولأن رخام التاسوس، مثله مثل أي مواد الطبيعة، يفقد خصائصه تدريجيا بمرور الوقت وتعاقب الزمن وكثرة الاستخدام، فإنه يبهت ويفقد خصائصه المولدة للبرودة بشكل طبيعي، وهنا يتم استبدال أي قطعة يحدث لها ذلك بشكل فوري، خدمة للبيت العتيق ولزواره.
على سبيل المثال، استغلت رئاسة شؤون الحرمين فترة إيقاف العمرة في نوفمبر ٢٠٢٠، وقامت بتغيير ٤ آلاف قطعة من رخام التاسوس في المسجد الحرام.
وفي يناير ٢٠٢١، تم استبدال مساحة ١٥٠ متر مربع من رخام صحن الطواف بالمسجد الحرام.
نقطة هامة أخرى ينبغي الإشارة إليها هنا، وهي أن السعوديين قد يدفعون أكثر لشراء رخام تاسوس، فهم يطلبون كميات كبيرة، وألواح بأحجام كبيرة، وجودة عالية النقاء، هذا كله يرفع السعر مقارنة بمن لا يركز في المواصفات ويرغب فقط في رخام تاسوس بحجم قياسي وانتهي الأمر.
هذه النقطة بالتحديد تجعلنا نثني على الحكومة السعودية وعلى كل القائمين على هذا الملف بالذات.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه قد تم ابتكار استخدام آخر لرخام التاسوس في الحرم، بجعل كل بلاطة من بلاطاته تحتوى على إشارة إتجاه نحو القبلة، ما يساعد المصليين على توليه وجوههم شطر الكعبة.
Lana Vaughan
Bitia Dolce cardinali