آراءمنوعات

[الأدب العربي في مرآة الأزمان]

كتبت : نجوى الكندي

كثيرٌ منّا يعلم أن الأدبَ لم يُوجَّه له الاهتمامُ الزائدُ في عصرنا هذا، ولذا لم يحظَ الشعراءُ بأية تقدير في مجالهم العريق …
ولذا كان هذا السؤالُ المؤرِّقُ الذي يطرَحُ نفسَه: لماذا تمتَّعَ قديمًا أصحابُ الأدبِ ممِّن سَبَرَ غورَهُ وعَلِم سرَّهُ بهذا الاهتمام والعناية؟إذ كان الأدب هو الأساسُ الذي يحدِّد الشرف والرفعة، فكان الشاعرُ والمتأدب له السلطة، أما اليوم فتراهم يتهافتون على سفاسف الأمور، وهُمِّشَ الأدب العربي تهميشا بالغا نتيجةَ الروافد الغربية التي غزته، وقد أغرى أبناءُ هذا الجيل ما وجدوه من ملهيات جمّةَ عرقلت طريقهم في طلب هذا الأدب الرفيع والتماس بواطنه، بل إن المتيقظ والمثقف منهم لا يعدو عن كونه متطبّعًا بأدب ليس بأدبه، فيحتقر أدبه السامي ويحاول تغييره لينشئ مَسخًا فيعتبره أدبًا رفيعا وينسبهُ إلى الأدب العربي زورًا وبهتانا. وقد جهل هؤلاءَ العلاقةَ المترسِّخةَ الوطيدةَ بين الأدب والمجتمع، فتركوه وأهملوه وأزروا به، ولله الأمر من قبل ومن بعد ! كيف لم يدرك هؤلاء أن الأدب مرآتنا، وأن الطبيعة البشرية تتمثل في أدبِ كل قومٍ..!
وكيف ازدروا هذا المنبع وقد ثَبُتت علاقتُه المتينة بالجانب الفلسفي؟ يقول الدكتور محمد أيوب في هذا السياق: “والأدب والفلسفة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا ببعضهما، فهي تشبُهُ علاقةُ العشق المؤبَّد الخالد، فلا يفترقان أبد الدهر.”
وفي المقابلِ ترى هذين المجالين يتعاكس أغراضُهما وتوجهاتُهما في بعض الأصول، فالفلسفة مثلًا تتحلل بالتفكير المنطقي الصارم على عكسِ الأدبِ الذي يخاطِب الوجدانَ والنفسَ الإنسانية ويتَغَلْغلُ فيهما،

وكذلك علاقةُ الكاتبِ بالحقيقة والمنطق وهذا ما عبَّرَ عنه الفيلسوف الألماني (نيتشه):
” فمن لم يكن يحيا لكشف الحقيقةِ كاملةً فليستمتعْ بما طاب له من نعيم الدنيا، فلن يكون ذلك كاتبا وإنما هو أفّاك مزِّور لا قدْرَ له ولا مقام له “.

أما اليومَ فإنّي أرى حالَ الافتقارِ الذي يعيشُه زملائي والأدباء، فلا يحْصِلون على الدعم الكافي الذي يوفّره لهم المجتمعُ ومن له السلطة في التغيير، فإنّهم يحتاجون إلى اهتمام لإخراج ما عندهم من جواهرَ مدفونةً وصقلِ خبارتهم وقدراتهم الأدبية.

 

دققه لغويا : المعتصم بالله أحمد الأبيض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى