أخبار عمان

العلاقات العمانية – الهولندية: إرثٌ من التاريخ وشراكة تتجدد عبر الزمان

تُعد العلاقات بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا من أقدم العلاقات الدولية التي نسجتها السلطنة مع دولة أوروبية، إذ تمتد جذورها إلى بدايات القرن السابع عشر، حينما كانت التجارة البحرية محور الاقتصاد العالمي، والموانئ العمانية كمسقط وصحار من أبرز مراكز الملاحة في المحيط الهندي.

بدأت ملامح العلاقة تتشكل عندما وصلت السفن الهولندية التابعة لشركة الهند الشرقية الهولندية إلى سواحل عُمان في عام 1651، سعيًا لإقامة تحالفات تجارية وتبادل البضائع مع الموانئ العمانية، التي كانت آنذاك مركزًا تجاريًا استراتيجيًا يربط بين الشرق والغرب. وقد تميزت تلك الفترة بعلاقات قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، حيث وقّع الطرفان عدة اتفاقيات تجارية فتحت أبواب التبادل الاقتصادي والثقافي بين الشعبين.

على مدى القرون التالية، ورغم التحولات السياسية والاقتصادية العالمية، حافظت العلاقات العمانية – الهولندية على طابعها الودي والتعاوني. وفي العصر الحديث، تطورت هذه العلاقات لتشمل مجالات أوسع من مجرد التجارة، إذ تعزز التعاون الثنائي في ميادين التعليم، والاستثمار، والمياه، والطاقة المتجددة، والتراث البحري، إلى جانب التنسيق الدبلوماسي في المحافل الدولية.

وقد شهدت العلاقات نقلة نوعية في العقود الأخيرة، مع تبادل الزيارات الرسمية بين مسؤولي البلدين، وتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، التي عكست رغبة مشتركة في توسيع أطر التعاون، وتعزيز الاستثمارات، لاسيما في قطاعات النقل واللوجستيات، والموانئ، والابتكار.

كما لعب القطاع الخاص دورًا محوريًا في توطيد هذه العلاقة، من خلال الشراكات بين الشركات العمانية والهولندية، التي ساهمت في نقل الخبرات والتكنولوجيا، خصوصًا في مجالات الزراعة الذكية، وإدارة المياه، وتقنيات الطاقة النظيفة، وهي مجالات تُعد هولندا من الدول الرائدة فيها.

واليوم، تُعد العلاقات العمانية – الهولندية نموذجًا متقدمًا للتعاون القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وتؤكد على أهمية التفاهم الحضاري والاقتصادي بين الشعوب، رغم اختلاف الجغرافيا والثقافات. وبينما تتجه عُمان نحو رؤية 2040، تظل هولندا شريكًا مهمًا في مسيرة التنمية المستدامة، مستندةً إلى تاريخ طويل من الصداقة والتفاهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى