
طوابير الموت في مستشفيات بريطانيا .. أزمة غير مسبوقة يواجهها النظام الصحي البريطاني
يواجه النظام الصحي البريطاني أزمة غير مسبوقة كشفت عنها الكلية الملكية للتمريض في تقرير صادم، أظهر تفاصيل مروعة عن تدهور الرعاية الصحية. التقرير الذي استند إلى شهادات 5,400 ممرض وممرضة من مختلف أنحاء المملكة المتحدة، وصف أوضاعًا مأساوية في المستشفيات، حيث توفي مرضى في الممرات دون أن يلاحظهم أحد لساعات، وعجز الطواقم الطبية عن تقديم الإسعافات الأولية لمصابي الأزمات القلبية بسبب الازدحام الشديد.
أوضاع كارثية تتجاوز التصور
أوضح التقرير أن المرضى يُجبرون على البقاء في ظروف وُصفت بأنها “غير إنسانية”، إذ يتلقون العلاج في ممرات باردة ومزدحمة دون أي خصوصية أو كرامة، لدرجة أن بعض النساء الحوامل تعرضن للإجهاض هناك. كما يعاني المرضى من غياب أجراس الطوارئ، ما يمنعهم من طلب المساعدة.
وتحدثت الشهادات عن مشاهد مؤلمة، مثل إبلاغ المرضى بقرب وفاتهم في الممرات المزدحمة، ومرضى يتلقون محاليل وريدية ونقل دم في أماكن تفتقر لأبسط مقومات الرعاية.
انهيار نظام الطوارئ
أشار التقرير إلى تفاقم أزمة الطوارئ، حيث أعلنت نحو 20 مستشفى في إنجلترا حالة “حرجة” مؤخرًا نتيجة عجزها عن استيعاب تدفق المرضى. وأفاد ممرضون باضطرارهم لإجراء عمليات إنعاش قلبي رئوي في الممرات دون توفر المعدات الأساسية مثل أجهزة إزالة الرجفان أو الأكسجين، وسط ذهول المرضى والمارة.
ولجأت بعض المستشفيات إلى حلول غير تقليدية، مثل توظيف ممرضين للعمل في الممرات. وكشف التقرير أن مستشفى كوينز في رومفورد، إسيكس، ينفق 100,000 جنيه إسترليني شهريًا لتوظيف 19 ممرضًا لرعاية 50 مريضًا عالقين في الممرات، بينما يستقبل قسم الطوارئ ضعف طاقته الاستيعابية.
جذور الأزمة
حمَّلت الكلية الملكية للتمريض الإدارة الحكومية السابقة مسؤولية تفاقم الأزمة، معتبرة أن 14 عامًا من الفشل في إدارة النظام الصحي أدى إلى هذه الكارثة. وأكد وزير الصحة والرعاية الاجتماعية، ويس ستريتنج، أن علاج المرضى في الممرات أصبح أمرًا معتادًا خلال فترة حكم المحافظين.
كما ساهمت موجة غير مسبوقة من الفيروسات التنفسية، أبرزها الإنفلونزا الموسمية، في إنهاك النظام الصحي، وسط نقص كبير في التمويل. فعلى سبيل المثال، يحتاج مستشفى كوينز إلى 35 مليون جنيه إسترليني لتوسعة قسم الطوارئ لمواكبة الأعداد المتزايدة.
تداعيات نفسية خطيرة
تحدثت البروفيسورة نيكولا رينجر، الأمينة العامة للكلية الملكية للتمريض، عن التأثير النفسي العميق للأزمة على الطواقم الطبية، حيث دفعت الظروف القاسية العديد من الممرضين للاستقالة بسبب الضغط النفسي الشديد. وروى أحد الممرضين المستقيلين قائلًا: “غادرت بسبب القلق الشديد والخوف من وفاة المرضى دون قدرتي على مساعدتهم”.
بدوره، أقر دنكان بارتون، كبير مسؤولي التمريض في إنجلترا، بخطورة الوضع، مشيرًا إلى أن الضغط الهائل على الخدمات الصحية خلال الأشهر الأخيرة يستدعي حلولًا جذرية وسريعة.
الحاجة إلى إصلاح عاجل
تعكس هذه الأوضاع المتدهورة انهيارًا شاملًا في النظام الصحي البريطاني، ما يستدعي تدخلًا حكوميًا عاجلًا لإعادة هيكلة النظام، وزيادة التمويل، ودعم الكوادر الطبية لمواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة.