أخبار عمان

مقال | “المنتدى الاقتصادي الكويتي – العماني: شراكة اقتصادية لدفع عجلة التنمية المستدامة”

 

قبس – شهدت العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي تطورًا ملحوظًا خلال العقود الماضية، ويمثل المنتدى الاقتصادي الكويتي – العماني الذي انطلق في الكويت، اليوم الأثنين، خطوة استراتيجية نحو تعزيز هذه العلاقات، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية.

حيث يمكن النظر إلى هذا المنتدى كمنصة حيوية لدفع عجلة التنمية المستدامة عبر تنسيق الجهود وتوسيع آفاق التعاون المشترك بين البلدين.

أهمية المنتدى في تعزيز التعاون الاقتصادي:

أكد وزير التجارة والصناعة الكويتي، خليفة العجيل، في كلمته على أهمية توحيد السياسات وتسهيل حركة التجارة والاستثمار، مما يعكس التوجهات السامية التي تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الخليج. من جانبه، أشار وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني، قيس اليوسف، إلى الأهمية الاستراتيجية للعلاقة مع الكويت، مشددًا على ضرورة التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعة والسياحة واللوجستيات والأمن الغذائي.

هذا التوجه يعكس وعي البلدين بأهمية تعزيز التنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي تفرض ضرورة التكيف مع متغيرات السوق واستثمار الفرص المتاحة لتعزيز النمو المستدام.

مشروع مصفاة الدقم: نموذج للشراكة الاستراتيجية:

تطرق المنتدى إلى مشروع مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية، الذي يمثل أكبر مشروع استثماري مشترك بين الكويت وعمان. يعد هذا المشروع رمزًا للتعاون الثنائي في مجال الصناعات الثقيلة والطاقة، وهو قطاع ذو أهمية حيوية لتحقيق الأمن الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.

من المتوقع أن يعزز المشروع القدرة التنافسية للبلدين في سوق الطاقة العالمي، ويخلق فرص عمل محلية، ويعزز البنية التحتية للصناعات البتروكيماوية. كما أن هذا التعاون يمثل نموذجًا يحتذى به في تنمية المشروعات المشتركة ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي الكبير.

الفرص الاستثمارية: محاور واعدة للتعاون:

ركز المنتدى أيضًا على استعراض الفرص الاستثمارية المتاحة، وخاصة في القطاع الصناعي والسياحي واللوجستي وقطاع الأمن الغذائي. هذه القطاعات تمثل محاور واعدة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، خصوصًا مع الجهود المبذولة لتطوير البيئة الاستثمارية وتحسين التشريعات الاقتصادية.

على سبيل المثال، يعتبر قطاع الأمن الغذائي من القطاعات الحيوية التي تستوجب تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون، نظرًا لأهميته الاستراتيجية في مواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تغير المناخ ونقص الموارد الطبيعية. كما يمثل قطاع السياحة فرصة لزيادة التنوع الاقتصادي والاستفادة من الموارد الطبيعية والثقافية الغنية التي تتمتع بها السلطنة والكويت.

اتفاقية التعاون بين القطاعين الخاصين:

تم توقيع اتفاقية تعاون بين شركة “معاون” العمانية وشركة “الخدمات العامة” الكويتية، مما يبرز دور القطاع الخاص كركيزة أساسية في تعزيز الروابط الاقتصادية. يفتح هذا التعاون الباب أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من الفرص المتاحة، وتبادل الخبرات، وبناء شراكات استراتيجية.

الاتفاقية تعكس كذلك التزام البلدين بتعزيز التعاون في المجالات التي تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية.

التحديات وفرص المستقبل:

رغم الخطوات الإيجابية التي حققها المنتدى، لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى معالجة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة. من أبرز هذه التحديات:
1. تحسين البنية التحتية: تطوير بنية لوجستية متكاملة تربط البلدين وتدعم حركة التجارة والاستثمار.
2. تنويع الاقتصاد: ضرورة التركيز على الابتكار وريادة الأعمال لتقليل الاعتماد على الصناعات التقليدية.
3. التشريعات والسياسات: العمل على تحسين بيئة الأعمال عبر تشريعات داعمة للاستثمار المشترك.

مع ذلك، فإن الفرص المتاحة تعكس إمكانيات هائلة يمكن أن تؤدي إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام. من خلال التركيز على التكامل الاقتصادي وتوسيع قواعد التعاون، يمكن للبلدين تحقيق أهدافهما المشتركة وضمان مستقبل أكثر ازدهارًا لشعبيهما.

يمثل المنتدى الاقتصادي الكويتي – العماني خطوة استراتيجية نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. من خلال التركيز على القطاعات الحيوية وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمكن تحقيق تكامل اقتصادي مستدام يعزز النمو ويوفر فرص عمل ويواجه التحديات الاقتصادية العالمية.

على المدى الطويل، يبدو أن هذه الجهود ستساهم في تحقيق رؤية متكاملة للعلاقات الاقتصادية بين الكويت وعمان، مما يجعل الشراكة بين البلدين نموذجًا يحتذى به في تعزيز التعاون الخليجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى