تقرير – قمم عربية وإسلامية في الرياض .. شعارات قوية وقرارات عاجزة أمام العدوان الاسرائيلي
في الوقت الذي تتواصل فيه الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان، انعقدت قمم عربية وإسلامية في العاصمة السعودية الرياض، وسط دعوات ملحة لوقف العدوان وحماية المدنيين. إلا أن هذه القمم لم تتمكن من ترجمة توصياتها إلى خطوات عملية على أرض الواقع، مما أثار تساؤلات حول جدوى مثل هذه الاجتماعات.
القمة الأولى: قرارات دون تنفيذ
انعقدت القمة العربية الإسلامية غير العادية الأولى في الرياض يوم 11 نوفمبر 2023، بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز، في أعقاب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ على غزة في 7 أكتوبر من العام نفسه، وامتد لاحقًا ليشمل لبنان. ركزت القمة على بحث الأوضاع المتدهورة في المنطقة، واتخاذ موقف موحد لوقف الاعتداءات الإسرائيلية.
ورغم أن القمة أصدرت قرارًا بكسر الحصار عن غزة، إلا أن الواقع لم يشهد أي تغيير يُذكر. لا يزال القطاع يعاني من حصار خانق، مع استمرار القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية، وفقًا لتقارير مراقبين.
القمة الثانية: استمرار الفشل
بعد مرور عام كامل على القمة الأولى، انعقدت القمة العربية الإسلامية غير العادية الثانية في الرياض يوم 11 نوفمبر 2024، لمناقشة الوضع المتدهور في المنطقة. وخلال الكلمات الافتتاحية، شدد القادة العرب والمسلمون على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي فورًا، إلا أن الاعتداءات استمرت، مما أظهر عجز القمة عن تحقيق أي تغيير ملموس.
في مؤتمر صحفي عقب القمة، صرح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بأنه “لا توجد قرارات محددة اتخذتها القمة فيما يتعلق بقطاع غزة”، ما يعكس ضعف قدرة القمة على اتخاذ قرارات فعالة. هذا التصريح أكد على الفجوة بين التطلعات الشعبية والقدرة السياسية، بحسب مراقبين.
أسباب الفشل
أرجع محللون سياسيون أسباب فشل القمم إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها عدم رغبة بعض الدول العربية والإسلامية في استخدام أوراق الضغط المتاحة، والخوف من ردود فعل الولايات المتحدة. ووفقًا للإعلامي الفلسطيني محمد القيق، فإن هذه القمم تُعقد في ظل اعتبارات إقليمية ودولية تجعلها غير قادرة على اتخاذ مواقف صارمة. وأضاف القيق أن هذه الاجتماعات تُستخدم كوسيلة لامتصاص الغضب الشعبي دون أن تشكل ردعًا حقيقيًا للاحتلال.
بدوره، وصف الإعلامي الفلسطيني فايز أبو عيد القمم بأنها “ظاهرة صوتية” تهدف إلى الحفاظ على ماء الوجه، مشيرًا إلى أنها تفتقر إلى القرارات القابلة للتنفيذ. وأضاف أن هذه الاجتماعات تعكس حالة الانقسام العربي والارتباط بأجندات خارجية، مما يحد من قدرتها على اتخاذ خطوات مؤثرة.
استمرار الأزمات وتكرار البيانات
مع استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان، تُظهر مخرجات قمتي الرياض غياب الإرادة السياسية لاتخاذ قرارات حاسمة لوقف العدوان. وبينما حملت القمة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية فشل مفاوضات وقف إطلاق النار، دعت أيضًا للإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وتشكيل حكومة جديدة وفق اتفاق الطائف.
تساؤلات عن المستقبل
يبدو أن قمم الرياض، رغم نواياها الحسنة، لم تكن قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة، مما يطرح تساؤلات جدية حول مدى جدوى هذه الاجتماعات في ظل غياب الإرادة السياسية والإجماع العربي. وبينما تستمر المعاناة الإنسانية في غزة ولبنان، تظل الحاجة قائمة لخطوات أكثر جدية وفعالية لوقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق السلام في المنطقة.