
كتب – موزة الشعيلي
سعى الكثيرون لمجاراة التغير الحاصل في العالم من تجدد وتسارع مستمر، حيث اختلفت الحياة والعمل وكذلك التفكير في جميع المجالات منذ ظهور الإنترنت، وهو الاختراع الذي ما زال يتم تطويره حتى يومنا هذا. لقد أصبح الإنترنت حلاً لمعظم المشكلات الاجتماعية، ومرجعاً للإجابة عن الأسئلة، بل إنه قائد للثورات الحاصلة في السنوات الأخيرة. ولا يمكن إنكار الفضل الكبير له في تسريع العديد من العمليات بشكل غير مسبوق، بل إنه كذلك أصبح مصدراً للربح، وهذا ما أصبح يركز عليه الكثيرون في الآونة الأخيرة دون غيرها من الأمور.
يبحث الإنسان بشكل دوري عن الأمور التي تجعله سعيداً في ظل التسارع التكنولوجي في هذا الزمن. بينما يرى البعض أن العمل هو مصدر سعادتهم، يلتفت الآخرون للتفكير في أن العائلة وترابطها هي السعادة الحقيقية بين كل الأمور الأخرى. حتى أتى الإنترنت وشكل عقبة واضحة في تحقيق تلك السعادة الأسرية والترابط، حيث استاء عدد كبير من كبار السن من تحول علاقتهم بأطفالهم إلى علاقة مرهونة بسرعة الإنترنت ورغبتهم، بل إن البعض شعر بأن أبناءهم موجودون جسداً وليس عقلاً معهم.
إلا أن الوضع قد انقلب تماماً في السنوات الأخيرة القليلة. فلقد اتبع المسنون عبارة “إن لم تستطع التغلب عليهم، فانضم لهم”. وهذا ما حدث، حيث أصبح كبار السن أكثر انشغالاً بالإنترنت من أبنائهم لعدة أسباب، منها الفضول لمعرفة ما يحدث في ذلك العالم الذي يشغل أبناءهم جسداً دون عقل.
وهذا الأمر قادهم إلى فهم طبيعة الإنترنت ومعرفة إيجابياته التي كانوا يجهلونها سابقاً. كما أن تواصلهم مع أصدقائهم البعيدين أصبح أسهل من ذي قبل، وكذلك المشاركة في آرائهم حول بعض الأمور بل والمشاركة في صناعة محتويات مختلفة، مما أضاف ميزة أخرى لكسب المال بعد التقاعد.
ذكرت “العربية.نت” في مقال لجمال نازي بعنوان “بشروط.. استخدام كبار السن للإنترنت يقلل مخاطر الإصابة بالخرف”، أن دراسة جديدة طويلة الأمد في جامعة نيويورك توصلت إلى أن الاستخدام المنتظم للإنترنت من قبل كبار السن مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف.
كما ذكرت الدكتورة صفيناز عبد السلام، استشاري الطب النفسي، أن مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لكبار السن قد ساهمت في تخفيف مشاكل الشيخوخة، حيث تساعدهم على البقاء على اطلاع بما يدور حولهم، مما يقلل من نسبة الإصابة بالنسيان وعدم التركيز. ومن جانب آخر، وضحت صحيفة الدستور أن الإنترنت قد يسبب مشكلة التعلق والتعرض للمحتوى الدموي، مما يسبب الذعر والقلق والخوف الشديد.
وفي ختاما أحبذ مشاركة المسنين في الإنترنت وتفاعلهم المفيد في بعض القضايا، حيث أن هذا الأمر يقلل من وحدتهم ويحفزهم على التواصل أكثر مع أصدقائهم وأبنائهم. ولكن من جهة أخرى، فإن الاحتيال الإلكتروني في تزايد والمسنين أكثر عرضة للتعرض له، بالإضافة إلى دخولهم العالم الرقمي بشكل سريع مما قد يسبب مشاكل ذهنية في فهم هذا العالم ومرتاديه.