
في حديث خاص لـ”قبس” المهندس البحري حمد الكلباني يشاركنا تجربته بمناسبة يوم البحارة
حوار – محمود الجهوري
في أعماق المحيطات وعلى متن السفن الشامخة، تتجلى قصص البحارة الذين يربطون العالم ببعضه البعض، يجابهون الأمواج العاتية ويقفون في وجه التحديات اليومية بشجاعة وإصرار. بمناسبة يوم البحارة العالمي، نلتقي اليوم بالمهندس البحري حمد الكلباني، الذي يحمل في جعبته سنوات من الخبرة والمعرفة البحرية. في هذا الحوار الخاص، يشاركنا الكلباني رؤيته حول أهمية يوم البحارة، والدور الحيوي الذي يلعبه البحارة في الاقتصاد العالمي. كما يسرد لنا التحديات التي تواجههم والجهود المبذولة لتحسين ظروف عملهم، ويلقي الضوء على كيف يمكن للتكنولوجيا والابتكار أن يساهما في رسم مستقبل أكثر أماناً واستدامة لصناعة النقل البحري. انضموا إلينا لنكتشف معاً ما وراء الأفق ونتعرف على قصص البحارة التي لا تُروى عادة.
كيف نشأت فكرة يوم البحارة؟
نشأت فكرة يوم البحارة من الحاجة إلى زيادة الوعي بأهمية البحارة ودورهم الحيوي في الاقتصاد العالمي، حيث يعتمد حوالي 90٪ من التجارة العالمية على النقل البحري. يواجه البحارة تحديات كبيرة في حياتهم العملية، بما في ذلك العزلة عن الأسرة، ظروف العمل الصعبة، والضغوط النفسية والجسدية.
ما هو الهدف من الاحتفال بهذا اليوم؟
زيادة الوعي والاعتراف بالدور الحيوي الذي يلعبه البحارة في حياتنا اليومية وفي الاقتصاد العالمي، وتقديم الدعم والتقدير لهم. تسعى الاحتفالات بهذا اليوم إلى تقديم التقدير والدعم للبحارة، والتأكيد على حقوقهم ورفاهيتهم. كما يتم استخدام هذا اليوم لتسليط الضوء على قضايا مثل السلامة في البحر، التدريب، والظروف المعيشية والعمل على السفن.
كيف يعكس يوم البحارة الدور الحيوي الذي يلعبه البحارة في الاقتصاد العالمي؟
يوم البحار يعرف الناس والمجتمعات ويسلط الضوء على الدور الأساسي الذي يقوم به البحارة في نقل البضائع حول العالم. هذا اليوم يذكر العالم بأن البحارة هم العاملون الأساسيون الذين يضمنون وصول السلع والموارد إلى مختلف الأسواق، مما يعزز الاقتصاد العالمي ويضمن استدامة سلاسل التوريد.
ما هي أبرز التحديات التي يواجهها البحارة في الوقت الحاضر؟
يواجه البحارة العديد من التحديات المعقدة والتي تختلف على مستوى الفرد نفسه، منها العمل لساعات طويلة في ظروف قاسية تشمل العواصف البحرية، الأمواج العاتية، والأجواء المتغيرة باستمرار. يضاف إلى ذلك المناوبات والمساحة المحدودة في السفينة ورحلات طويلة تستمر لأشهر مع قلة خيارات الغذاء والترفيه، وتحديات الإنترنت خاصة في العصر الحالي. هناك أيضًا تحديات صحية بسبب اختلاف الأجواء والإرهاق.
كيف أثرت جائحة كوفيد-19 على حياة وعمل البحارة؟
أبرز التأثيرات كانت على تبديل الطواقم. العديد من البحارة وجدوا أنفسهم عالقين على متن السفن لفترات طويلة بعد انتهاء عقودهم، بسبب القيود على السفر التي تمنع تبديل الطواقم بانتظام، مما تسبب في زيادة الإرهاق والإجهاد النفسي، والبحارة الذين كانوا في إجازة أو في بلادهم قبل الجائحة واجهوا صعوبات في العودة إلى عملهم، مما أدى إلى نقص في الطواقم البحرية على العديد من السفن.
ما هي الجهود المبذولة لتحسين ظروف العمل والسلامة للبحارة؟
هناك جهود كبيرة من قبل الحكومات والمنظمات الدولية وأصحاب السفن لتحقيق هذا الهدف، منها وضع قوانين ومعايير دولية لضمان سلامة البحارة، تحسين برامج التدريب والتعليم، تقديم خدمات الدعم النفسي، تحسين بيئة العمل على متن السفن، وتطبيق التقنيات الحديثة لتعزيز السلامة وتقليل المخاطر. التعاون الدولي في هذه الجهود يعزز من رفاهية البحارة ويضمن سلامتهم.
كيف يتم الاحتفال بيوم البحارة في عمان؟
الاحتفال بهذا اليوم في عمان أصبح له قيمة كبيرة، حيث نشهد اهتماماً أكبر كل عام. تنظم وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات حفلاً يتضمن استعراض أوراق عمل وجلسات نقاشية في المجال البحري ومعرضاً مصاحباً للمهتمين بالقطاع البحري بحضور العديد من الشركات البحرية الرائدة.
كيف يمكن للمجتمع المحلي والدولي المساهمة في دعم البحارة والاعتراف بجهودهم؟
يمكن للمجتمع المحلي والدولي المساهمة في دعم البحارة والاعتراف بجهودهم من خلال تحسين ظروف العمل، تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وضع وتطبيق قوانين تضمن حقوق البحارة، وتوفير برامج تدريب وتأهيل متقدمة. يمكن أيضاً تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وتقديم خدمات طبية واستشارية مجانية أو مخفضة.
ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان مستقبل مستدام وآمن للبحارة؟
عمل الحملات التوعوية على قيمة البحار وأهمية هذه المهنة، عمل برامج رقمية على برامج التواصل والمنصات المعروفة موجهة للبحارة وكل العاملين في المجال، وإنشاء نادي للبحارة بحيث يجمع كل المجتمع البحري في السلطنة وربطه مع أندية أخرى خارج السلطنة.
كيف يمكن للتكنولوجيا والابتكار أن يسهما في تحسين حياة البحارة؟
دخول التكنولوجيا والابتكار في المجال البحري لعب دورًا حيويًا في تحسين حياة البحارة بطرق متعددة، مما جعل عملهم أكثر أماناً وراحة. من خلال استخدام أنظمة الملاحة الحديثة وأجهزة الاتصالات، وتحليل كميات كبيرة من البيانات للتنبؤ بالطقس بدقة أكبر. كذلك، تحسين بيئة العمل على متن السفن وتوفير معدات أكثر كفاءة وأماناً، وتقنيات مثل الواقع الافتراضي (VR) تتيح تدريبات أكثر واقعية وفعالية. الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل البيانات والتنبؤ بالأعطال، مما يقلل من حوادث المعدات ويضمن تشغيلاً أكثر أماناً.
ما هي رؤيتكم لمستقبل صناعة النقل البحري ودور البحارة فيها؟
من وجهة نظري، مستقبل صناعة النقل البحري سيكون أكثر تطورًا وابتكارًا بفضل التقدم التكنولوجي والاهتمام المتزايد بسلامة ورفاهية البحارة. أعتقد أن دور البحارة سيظل حيوياً ومهماً، لكن مع تحسينات كبيرة في ظروف العمل والتكنولوجيا المستخدمة على متن السفن. التكنولوجيا ستلعب دورًا أكبر في تسهيل مهام البحارة وجعلها أكثر أماناً. التعاون الدولي سيساهم في تحسين القوانين والمعايير التي تحمي البحارة وتضمن حقوقهم. أرى مستقبلاً مشرقاً لصناعة النقل البحري، حيث يتحسن دور البحارة وظروف عملهم بشكل مستمر، مما يجعل هذه الصناعة أكثر أماناً وكفاءة واستدامة.
في الختام إن يوم البحارة هو فرصة للاعتراف بالجهود الكبيرة التي يبذلها البحارة في الحفاظ على حركة التجارة العالمية وضمان استدامة سلاسل التوريد. من خلال تكريمهم ودعمهم، يمكننا تحسين ظروف عملهم وتعزيز رفاهيتهم، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد العالمي ككل.